ركنا في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركنا في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.

قال في المصباح المنير: "والفرق عسر، ويمكن أن يقال: الفرق أن الفاعل علة لفعله، والعلة غير المعلول، فالماهية معلولة، فحيث كان الفاعل متحدا استقل بإيجاد الفعل كما في العبادات، وأعطي حكم العلة العقلية، ولم يجعل ركنا، وحيث كان الفاعل متعددا لم يستقل كل واحد بإيجاد الفعل، بل يفتقر إلى غيره؛ لأن كل واحد من العاقدين غير عاقد بل العاقد اثنان، فكل واحد من المتبايعين مثلا غير مستقل، فَبَعُد بهذا الاعتبار عن شبه العلة، وأشبه جزء الماهية في افتقاره إلى ما يقومه، فناسب أن يجعل ركنًا" (?).

ولا حاجة إلى هذا الفارق العسر كما وصفه، بل يقال: مذهب الحنفية أقوى، ومطرد في تحديد أركان الشيء من عبادات ومعاملات، ويبقى الاختلاف في تحديد الأركان ليس له تأثير قوي في البيع إلا في بعض الصور القليلة وذلك بحسب مصطلح الحنفية في التفريق بين البيع الفاسد والباطل، فالباطل: هو الذي لحق الخلل فيه ركن البيع، والفاسد ما كان مشروعا بأصله، دون وصفه، وقد سبق الكلام عليه عند الكلام على أقسام العقد، ولله الحمد.

وقد سمى بعض الباحثين أركان البيع: مقومات العقد، وهذا يدخل فيه الصيغة والعاقدان ومحل العقد باتفاق، وبهذا نخرج من خلاف الحنفية مع الجمهور.

وبعض الحنفية يرى أن ركن البيع عبارة عن مبادلة مال بمال، وإنْ أُطْلق على الإيجاب والقبول أو على التعاطي الذي يقوم مقامهما فذلك إنما هو من قبيل إطلاق اسم المدلول على الدال (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015