قال الجصاص: "ألزم كل عاقد الوفاء بما عقد على نفسه، فيلزمه الوفاء به ... وفي إثبات الخيار نفي للزوم الوفاء به وذلك خلاف مقتضى الآية" (?).
بأن الآية الكريمة تأمر بالوفاء بالعقود، وهي لا تأمر بالوفاء بالعقد إلا في وقت يكون العقد لازمًا، أما العقد إذا كان جائزًا كما في مدة خيار المجلس، وفي مدة خيار الشرط فلا يؤمر العاقد بالوفاء به، بل الأمر متروك لإرادته، إن شاء أمضى العقد، وإن شاء ترك، فالآية تتحدث عن عقد انتقل من الجواز إلى اللزوم، فلم تقل الآية: أوفوا بالعقود إذا تم الإيجاب والقبول قبل التفرق، فالآية مطلقة، فتحمل على ما بعد الخيار جمعًا بين الأدلة (?).
فالذي أمرنا بالوفاء بالعقود هو الذي أخبرنا على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن العقد لا يكون لازمًا إلا بالتفرق، أو أن يخير أحدهما الآخر بعد التعاقد، وإلا فلا يلزم الوفاء بذلك العقد.
قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، إلى قوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: 282].
وجه الاستدلال:
لو لم يكن عقد المداينة موجبًا للحق على المدين قبل الافتراق لما قال: