ليست حقوق الارتفاق على حكم واحد في مذاهب أهل العلم، فقد تجد في المذهب الواحد من يعتبر بعض هذه الحقوق حقا ماليا يجوز الاعتياض عنه، بينما يمنع بيع حق آخر لعلة عنده أوجبت التفريق، فالحنفية الذين يمنعون من بيع حقوق الارتفاق بمفردها، ويرون أن المنافع ليست أموالًا يرون جواز بيع حق المرور.
والحنابلة مثلا يمنعون بيع حق الشرب، كما يرون أن للجار أن يضع خشبة على جدار جاره، وليس له أن يمنعه من ذلك، فضلاً عن أن يطالبه بعوض مالي مقابل ذلك، بينما ذكروا في حق آخر حكما مختلفا، فجاء في الروض المربع: "وإن صالحه على أن يجري على أرضه أو سطحه ماء معلوما صح لدعاء الحاجة إليه، فإن كان بعوض مع بقاء ملكه فإجارة، وإلا فبيع" (?).
ولما كان ذلك كذلك، وطلبا لأن يكون البحث دقيقا رأيت أن أعرض هذه الحقوق حقا حقا، وأحرر الخلاف فيها ليقف طالب العلم على حكم كل مسألة بانفرادها، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.