الفلاني، ولك كذا، وقد نص الإِمام أحمد على جواز أن يقول الرجل لآخر: اقترض لي من فلان مائة ولك عشرة، كما نقل ذلك ابن قدامة في المغني، فإذا جاز العوض مقابل التوسط للحصول على القرض، فالعوض مقابل التوسط للحصول على التخفيض أولى بالجواز.

وهدف بطاقة التخفيض هو تحقيق مصالح الأطراف الثلاثة: التاجر والمشترك والوسيط. فالتاجر ينتفع بتسويق بضاعته، والمشترك ينتفع بالتخفيض، والوسيط بالاشتراك، وإنما نشأ الإشكال من جهة أن المشترك قد يشتري، وقد لا يشتري، فإن اشترى تحققت المصلحة، وإلا خسر هو قيمة الاشتراك، وخسر التاجر أيضًا إن كان قد دفع مبلغًا محددًا للوسيط. وهذا التردد أورث شبهة الغرر.

لكن ليس كل ما تردد بين الغنم والغرم، أو بين الانتفاع وبين الخسارة يدخل في باب الغرر الممنوع، ففي بيع العربون يتردد المشتري بين أن يملك السلعة وينتفع بها، وبين أن يغرم إذا لم يشترها ويخسر العربون، وهو مع ذلك جائز عند الإِمام أحمد وجمع من السلف، وذلك أن الهدف من العربون ليس المقامرة، وإنما الانتفاع بالسلعة، والتردد بين إمضاء الشراء وعدمه راجع للمشتري، وليس معتمداً على الحظ أو ما لا يتحقق غالباً.

وحقيقة الغرر المحرم أنه معاوضة احتمالية نتيجتها انتفاع أحد الطرفين على حساب الآخر، فإن كانت المعاملة تحتمل انتفاع كلا الطرفين، وتحتمل مع ذلك انتفاع أحدهما وخسارة الآخر، أي أن المعاملة تحتمل الغرر وتحتمل عدمه، فينظر في احتمال كل واحد من الأمرين. فإن كان الغالب هو انتفاع الطرفين، وهذا هو مقصود المعاملة، فهي جائزة، ويغتفر ما فيها من الغرر، وهذا هو ضابط الغرر اليسير الذي نص عليه الفقهاء. أما إن كان احتمال انتفاع أحدهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015