[ن - 17] كثير من القوانين العربية تذكر عقد التأمين تحت عنوان: عقود الغرر؛ لأنه عقد مستور العاقية، فإن كلًا من العاقدين لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، كما سيأتي بيانه، ولذا أدرجته تحت بيوع الغرر، ولا أظن أن أحدًا ينكر أن في هذا العقد غررًا، وإنما الخلاف، هل الغرر الموجود فيه غرر كثير، يمنع من صحة العقد، أو من الغرر اليسير؟
وإذا كان الغرر كثيراً، فهل الحاجة العامة الملحة تبيحه، أو ليس هناك حاجة إلى مثل هذا العقد مع وجود بديل سالم من المحاذير الشرعية؟
فهذا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء - رحمه لله - وهو من انشرح صدره للقول بجواز التأمين بجميع أنواعه يرى أن أقوى دليل لمن قال بالمنع هو وجود الغرر، فيقول - رحمه لله -: " شبهة الغرر التي هي أقوى، وأهم الشبهات التي يتذرع بها المنادون بتحريم التأمين " (?).
ويقول أيضًا: "وأما شبهة الغرر - وهي الشبهة الوحيدة الجديرة بالوقوف عندها للنظر والتمحيص" (?). ولكثرة مباحثه جعلته فصلاً، وألحقته في بيوع الغرر.