ولأن القاعدة تقول: ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده، صح استثناؤه منه، وبيع صاع من صبرة جائز، فكذا استثناؤه، بخلاف استثناء الحمل من الشاة، فإنه لا يجوز استثناؤه؛ لأن إفراده بالعقد غير جائز.
استدل مالك بعمل أهل المدينة، قال - رحمه لله -: "الأمر المجتمع عليه عندنا: أن الرجل إذا باع ثمر حائطه، له أن يستثني من ثمر حائطه ما يينه وبين ثلث الثمر، لا يجاوز ذلك، وما كان دون الثلث فلا بأس بذلك" (?).
قال الحطاب: "أكثر الفقهاء على منع استثناء الكيل قليلًا كان أو كثيرًا في الصبرة والثمرة، وأجازه مالك وفقهاء المدينة فيما كان قدر الثلث فأقل، ومنعوه فيما زاد؛ لكثرة الغرر، والله أعلم" (?).
فكأن المستثنى إذا تجاوز قدر الثلث كان الباقي من الصبرة فيه غرر كثير، فيمنع، وإذا كان المستثنى من الثلث فأقل كان الغرر يسيرًا فيجوز، وقاعدة مذهب مالك في الكثير والقليل: الثلث، فما تجاوز الثلث فهو كثير، وما كان من الثلث فأقل فهو قليل، آخذًا بعموم حديث: (الثلث والثلث كثير).
قال ابن نجيم: "لو استثنى رطلًا واحدًا جاز اتفاقًا؛ لأنه استثناء القليل من