المبحث الثالث في اشتراط الادخار في المال

[م - 10] هذا هو الخلاف الثاني بين الحنفية والجمهور:

فالحنفية يشترطون الادخار في المال، فالذي لا يمكن ادخاره لا يصلح أن يكون مالا، وقد سبق نقل كلامهم عند تعريف المال.

وهذا الشرط أخرج منافع الأعيان فلا تعتبر مالًا عندهم، كما أخرج الديون المتعلقة بالذمة حال تعلقها؛ لأنها أوصاف، وليست أعيانا، فإذا قبضها صارت مالا لتحولها من وصف إلى عين، ولإمكان ادخارها حينئذ.

بل ذهب الحنفية إلى عدم القطع في السرقة إلا في مال يمكن ادخاره.

يقول السرخسي: "ولا قطع على سارق الخبز واللحم والفاكهة والرمان والعنب والبقول والرياحين والحناء والوسمة سواء سرق من شجره أو من غير شجره عندنا .... " (?).

وعلل ذلك بقوله: "لأن في مالية هذه الأشياء نقصانا؛ لأن المالية بالتمول، وذلك بالصيانة والادخار لوقت الحاجة، ولا يتأتى ذلك فيما يتسارع إليه الفساد فيتمكن النقصان في ماليتها، وفي النقصان شبهة العدم ... " (?).

بينما الجمهور لا يشترطون الادخار في المال، بل يرون مالية المنافع والديون والحقوق كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015