قالوا: ساوى الذمي المسلم في عدم قطع يده بسرقتها، فيساويه بعدم الضمان بإتلافها.
بأن الفرق بين المسلم والذمي أن المسلم لا تعد في حقه مالًا، بخلاف الذمي، بدليل أنه يمكن من شربها والتصرف فيها ولا يجلد على تعاطيها، فيخالف الذمي المسلم في الضمان كذلك.
لو كانت الخمر مالًا معصومًا لما وجب إراقتها إذا أظهروها قياسًا على سائر الأموال.
ويناقش هذا الدليل:
بأن في إظهارها في أسواق المسلمين عملًا على نشرها، وفيه مفسدة في حق المسلمين، بخلاف حمايتها لهم في بيوتهم بدليل أنه لو كان هناك قافلة لهم فيها خمر، فمر بها قطاع طريق وجب على الإِمام حمايتهم، والذب عنهم، فدل ذلك على أنها كأنفسهم معصومة.
أجد أن القول بوجوب الضمان أقوى دليلًا، وأصلح للناس، فإن القول بالضمان قد يردع المعتدي؛ لأن بعض الناس إذا رأى أنه لن يؤاخذ على فعله لم يردعه شيء، وأرى أنه حتى على القول بعدم الضمان يجب أن يعزر المتلف بما يردع الناس عن التطاول على أهل الذمة، وإذا رأى القاضي أن يعزر المتلف بالمال، فله ذلك، وليس هذا من باب ضمان المتلف، وإنما من باب ردع الظالم من الظلم والعدوان، والله أعلم.