جاء في الإنصاف: "ما يخشى فساده، فيخير بين بيعه وأكله. يعني: إذا استويا، وإلا فعل الأحظ كما تقدم ... قال الحارثي: ما لا يبقى قال المصنف فيه، والقاضي، وابن عقيل: يتخير بين بيعه وأكله، كذا أوردوا مطلقًا، وقيد أبو الخطاب بما بعد التعريف. فإنه قال: عرفه بقدر ما يخاف فساده، ثم هو بالخيار. قال: وقوله: (بقدر ما يخاف فساده) وهم، وإنما هو بقدر ما لا يخاف" (?).
وقول الحنابلة قريب من قول الشافعية، والفرق بينهما في أمرين:
أحدها: أن الحنابلة أجازوا بيعها دون الرجوع إلى الحاكم، واشترطه الشافعية مع إمكانه.
الثاني: أن الشافعية أجازوا تعريفها بعد بيعها، ثم تملك الثمن، ومنع منه الحنابلة في المشهور، حيث جعلوا التملك خاصًّا بلقطة الدراهم والدنانير دون العروض.
دليل الشافعية والحنابلة على جواز تملكها في الحال بالقيمة:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (هي لك أو لأخيك أو للذئب) فقوله: (هي لك) دليل على إباحة تملكها في الحال، والخبر محمول على أنه أراد: بعوضها؛ لأن هذا الحيوان ملك لغيره فلم يكن له تملكه بغير عوض.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه.
ولأنها لقطة يلزمه ردها مع بقائها فوجب أن يلزمه غرمها عند استهلاكها قياسًا على اللقطة في الأموال.