المكيل، والموزون، فأنفق المودع طائفة منها في حاجة نفسه؛ كان ضامنًا لما أنفق منها, ولم يصر ضامنًا لما بقي منها، فإن جاء بمثل ما أنفق، وخلطه صار ضامنًا لجميع ما أنفق بالإتلاف، وما بقي من الخلط قالوا: وهذا إذا لم يجعل على ماله علامة حين خلط بمال الوديعة، أما إذا جعل لا يضمن إلا ما أنفق" (?).
فجعل وضْعَ علامة يتميز ماله من مال الوديعة سببًا في عدم ضمان الجميع، فدل على أنه لا يضمن الجميع إلا بالخلط الذي لا يتميز.
وجاء في الإنصاف: "قوله: (وإن كان غير متميز: ضمن الجميع) هو المذهب ... " (?).
وقال في المغني: "وجملته أن من أودع شيئًا، فأخذ بعضه، لزمه ضمان ما أخذ، فإن رده أو مثله، لم يزل الضمان عنه ... فأما سائر الوديعة، فينظر فيه؛ فإن كان في كيس مختوم أو مشدود، فكسر الختم أو حل الشد، ضمن، سواء أخرج منه أو لم يخرج؛ لأنه هتك الحرز بفعل تعدى به. وإن خرق الكيس فوق الشد، فعليه ضمان ما خرق خاصة؛ لأنه ما هتك الحرز. وإن لم تكن الدراهم في كيس، أو كانت في كيس غير مشدود، أو كانت ثيابا فأخذ منها واحدا ثم رده بعينه، لم يضمن غيره؛ لأنه لم يتعد في غيره. وإن رد بدله وكان متميزًا، لم يضمن غيره لذلك، وإن لم يكن متميزًا، فظاهر كلام الخرقي ها هنا أنه لا يضمن غيره ...