الفرج لهم منه. فذكروا أنهم رأوا فرسا أقبل حتى وقف على بابه، فأطاف الناس به متعجبين من حسن صورته، وأخبره صاحبه بذلك فقام ينظر إليه، فأعجب به، وأمر بإسراجه، فلما أسرج، مسح وجهه/ 326/ وناصيته واستدار حوله، فرمحه رمحة أصاب به فؤاده فقتله، ثم ملأ الفرس فروجه فلم يدرك.
وكان ملكه إحدى وعشرين سنة، وخمسة أشهر، وثمانية عشر يوما.
بهرام جور بن يزدجرد:
ثم ملكوا بعده، ابنه بهرام جور، بعد كراهة له ومحن كثيرة امتحنوه بها، فأثر آثارا حسنة نعش بها الضعيف، وعم نفعها، ودخل أرض «الهند» متنكرا، فمكث حينا لا يعرف، حتى بلغه أن فيلا هائجا قد ظهر بها، قد قطع السبيل، وأهلك الناس، فسألهم أن يدلوه عليه ليريحهم منه، فرفع أمره إلى الملك، وأرسل معه رسولا يدله عليه، فلما انتهى إلى الفيل، رقى [1] الرسول على شجرة لينظر إلى ما يصنع «بهرام» ، فصرخ بالفيل، فخرج إليه، فرماه رمية ثبتت بين عينيه، وتابع عليه بالسهام حتى أثبته، ثم دنا منه، فاجتذبه [2] حتى خرّ، واحتز رأسه، وأقبل به إلى الملك، فحباه الملك وسأله عن خبره، فأعلمه أنه من أهل «فارس» ، لجأ إليه لأمر أحدثه، فسخط عليه الملك، وكان لذلك الملك عدوّ ممن حوله سار إليه، فاشتدّ منه وجله. فقال له «بهرام» : لا يهولنك أمره، فإنّي سأكفيكه [3] بإذن الله، فركب «بهرام» في سلاحه وقال لأساورة «الهند» : أحرسوا ظهري، ثم انظروا إلى عملي فيما أمامى. وكانوا قوما لا يحسنون الرمي، وأكثرهم رجالة- فحمل عليهم حملة هدهم، ثم جعل يأتى الرجل فيضربه على رأسه فيقطعه بنصفين، ويأتى الفيل يضرب مشفره فيكبه، ويتناول من عليه فيقتلهم، ويحمل الفارس