الله- فهو مشرك الشرك الذي لا يغفره الله ولو كان مع ذلك عفيفا في طعامه ونكاحه وكان حليما شجاعا. انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: – بعد ذكره الشرك ي الربوبية- النوع الثاني: أهل الإشراك بالله في إلهيته وهم1 المقرون بأنه وحده رب كل شيء ومليكه وخالقه وأنه ربهم ورب آبائهم الأولين ورب السموات السبع ورب العرش العظيم وهم مع هذا يعبدون غيره ويعدلون به سواه في المحبة والطاعة والتعظيم وهم الذين اتخذوا من دونه أندادا. فهؤلاء لم يوفوا2 {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} حقه وإن كان لهم نصيب من نعبدك لكن ليس لهم نصيب من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} المتضمن معنى لا نعبد إلا إياك حبا وخوفا ورجاء وطاعة وتعظيما فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تحقيق3 لهذا التوحيد وإبطال للشرك في الالهية كما أن {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تحقيق لتوحيد الربوبية وإبطال للشرك به وكذلك قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فإنهم أهل التوحيد وهم أهل تحقيق4 {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وأما أهل الاشراك فهم أهل الغضب والضلال.
فإن هذا الانقسام ضروري بحسب انقسامهم في معرفة الحق والعمل به: إلى عالم به عامل بموجبه وهم أهل النعمة وعالم به معاند له وهم أهل الغضب وجاهل به وهم الضالون. وهذا الانقسام إنما نشا بعد إرسال الرسل فلولا الرسل لكانوا أمة واحدة فانقسامهم إلى هذه الأقسام مستحيل بدون هذه الرسالة. انتهى.
والمقصود من هذه المقدمة: العلم بأن التوحيد الذي بعث الله به رسوله5 غريب في الناس جدا وأكثرهم لا يعرف حقيقته ولا يعرف الشرك الأكبر المنافي له وغاية ما عندهم هو أن يعرف أن الله تعالى ربه وخالقه وخالق جميع المخلوقات ورازقها والمتصرف فيهم.
وقد عرفت مما سلف أن أكثر الأمم – من أعداء الرسل – يعرفون ذلك.