أبو مروان عبد الملك بن رزين، ورث الملك كابراً عن كابر، من ملوك من أسلافه، أرباب أسرة ومنابر. وذو الرياستين زاد عليهم بأدب أبهى من الروض الريض، ومنظوم بديع من القريض. فمن شعره قوله يخاطب ذا الوزارتين أبا بكر محمد بن عمار، وكان ضيفاً عنده:
ضَماٌن على الأيّام أن أبلغَ المُنى ... إذا كنت في وُدِّي مُسِراًّ ومُعْلِناَ
فلو تسألُ الأياّمُ من هو مفردٌ ... بِوُدّ ابن عمَّارٍ لقُلتُ لها أنَا
فإن حالَت الأيامُ بيني وبينه ... فكيف يَطيبُ العيشُ أو يحسنُ المنى
فلم يجبه ابن عمار في يومه، لأنه كان يعاني قوله ويعلله، ويرويه ولا يرتجله. وأتى به في اليوم الثاني بأعذب الألفاظ وأرق المعاني، وهو:
هَصَرْتَ لي الآمالَ طيبةَ الجنَى ... وسوَّغْتَ لي الحوالَ مُقبلةَ الدُّنَا
وألبَسَتنِي النُّعمَى أغضَّ من النَّدى ... وأجْمَلَ من وشْى الرَّبيع وأحْسَنَا
وكم ليلةٍ أحظَيْتَنِي بحضورها ... فبتُّ سميراً للَّسناءِ وللسَّنا
أعَلِّلُ نَفسي بالمكارِم والعُلاَ ... وأُذْنِي وكَفِّى بالغِنَاءِ وبِالغِنَى
سأقْرِن بالتَّمويلِ ذكركَ كَّلما ... تعاوَرَتِ الأسماءُ غيركَ والكُنَى