لها نسيم وروح، وتشويق إلى الأحباب والأوطان، وجلاء للهموم والأحزان، وبها نصر الله العظيم سيد أهل الإيمان. ثبت باتفاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور. وقال امرؤ القيس:
إذا قَامتَا تَضَوَّع المسكُ منهما ... نَسِيمَ الصَّبا جاَءتْ بريَّا القَرنْفُلِ
تضوع، أي فاح متفرقا. ونسيم الصبا: تنسمها وهبوبها بضعف. وريا القرنفل: رائحته. ونصب نسيم الصبا لأنه قام مقام نعت لمصدر محذوف، والتقدير: إذا قامتا تضوع المسك منهما تضوعاً مثل تَضَوٌّعِ نسيم الصبا. ومنهما يعود على أم الحويرث، وقال الشاعر:
ألا يا صَبَا نَجْدٍ متى هِجْت من نَجد ... فقد زَادَنِي مَسراك وجداً على وجْد
وقال الآخر، وهو المجنون:
أيا جَبلي نَعمان بالله خّلِيَا ... سَبيل الصَّبا يَحْلُص إلىّ نسيمُها
فإن الصّبا ريحٌ إذا ما تنسَّمت ... على نفِس مَحزوِن تجلَّت هُمومها
أجِدْ بَرْدَها أو تَشْف مني حرارةً ... على كَبِد لم يَبْق إلا صَمِيمها