وللغزال معهم مجالس مذكورة، ومقاوم مشهورة؛ في بعضها جادل علماءهم فبكتهم، وفي بعضها ناضل شجعانهم فأثبتهم.

ولما سمعت امرأة ملك المجوس بذكر الغزال وجهت فيه لتراه، فلما دخل عليها سلم، ثم شخص فيها طويلاً ينظرها نظر المتعجب. فقالت لترجمانها: سله عن إدمان نظره لماذا هو؟ ألفرط استحسان أم لضد ذلك؟ فقال: ما هو أني لم أتوهم

أن في العالم منظراً مثل هذا، وقد رأيت عند ملكنا نساء انتخبن له من جميع الأمم فلم أر فيهن حسناً يشبه هذا. فقالت لترجمانها: سله أمجد هو أم هازل؟ فقال: لا، بل مجد. فقالت له: فليس في بلدهم إذا جمال! فقال الغزال: فاعرضوا علي من نسائكم حتى أقيسها بها. فوجهت الملكة في نساء معلومات بالجمال فحضرن، فصعد فيهن وصوب ثم قال: فيهن جمال وليس كجمال الملكة، لأن الحسن الذي لها والصفات المناسبة ليس يميزه كل أحد، وإنما يعني به الشعراء، وإن أحبت الملكة أن أصف حسنها وحسبها وعقلها في شعر يروي في جميع بلادنا فعلت ذلك. فسرت بذلك سروراً عظيماً وزهيت، وأمرت له بصلة، فامتنع من أخذها الغزال، وقال: لا أفعل. فقالت للترجمان: سله، لم لا يقبل صلتي؟ ألأنه حقرها أم لأنه حقرني؟ فسأله، فقال الغزال: إن صلتها لجزيلة، وإن الأخذ منها لتشرف لأنها ملكة بنت ملك، ولكن كفاني من الصلة نظري إليها وإقبالها علي، فحسبي ذلك صلة. وإنما أريد أن تصلني بالوصول إليها أبداً. فلما فسر لها الترجمان كلامه زادت منه سرورا وعجبا، وقالت: تحمل صلته إليه، ومتى أحب أن يأتيني زائرا فعلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015