أما بعد:
فإنّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِّ هَدْيُ محمَّد -صلى الله عليه وسلم- , وشز الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم إنه لا تخفى منزلة السنة النبوية من ديننا، وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع، وإن أنفس ما أفنيت فيه الأعمار، وتقرب به العبد به إلى ربه سبحانه وتعالى هو خدمة هذا المصدر الذي تكفل الله بحفظه، وقيض له الرجال الأفذاذ الذين قاموا عليه وحفظوه من كل شائبة، فأعز الله بهم الدين، وأقام بهم الملة، وخلد ذكرهم في العالمين. ومشاركة مني في هذا المضمار، وسيرًا على أحوال هؤلاء الرجال، فقد اتجهت النية بعد إكمال السنة المنهجية إلى المساهمة في هذا المجال، فوقع الاختيار على الانضمام إلى الركب الذين قاموا بتحقيق كتاب "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية" للحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
أهمية الكتاب:
وقد وقع الاختيار للمشاركة في تحقيق هذا السفر العظيم لما له من أهمية بالغة تبدو من خلال الأمور الآتية:
1 - لأنه يجمع الأحاديث الزائدة في المسانيد الثمانية وغيرها -كما سيأتي بيانه- والتي بعضها في حكم المفقود، وبعضها لم ير النور حتى الآن. وبالتالي فإن حفظ زوائدها بمثابة الحفظ لها، حيث أن ما لم يكن زائدًا منها فهو موجود، إمّا في الكتب الستة، أو مسند الإِمام أحمد، وأمَّا الزائد عن هذه الأصول في تلك المسانيد فقد حفظه لنا الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتاب "المطالب العالية".