لم يقتصر عمل الحافظ ابن حجر على التدريس والإملاء والإفتاء ونحوها من الوظائف التي كان يتولاها بنفسه، بل تجاوز ذلك إلى التأليف الذي هو من أكبر الأدلّة على مكانة الحافظ العلمية وعمق بحثه، ونضوج فكره ووفور علمه، سواء كان ذلك في مختصراته وتلخيصاته أو نُكَته وتخريجاته، أو ذيوله واستدراكاته أو شروحه وفوائده ... لا يخلو واحد منها من بحث وتحقيق، أو نقد وتمحيص، أو استدراك وإتمام فائدة، حتى قال أبو ذرّ بن البرهان الحلبي: "وبالجملة ليس له مُؤلف إلاَّ وهو فرد في بابه" (?).
وقد كثرت مصنفات الحافظ ابن حجر وتنوعت موضوعاتها وعلومها وزادت -على ما أحصاه السخاوي (?) - على 270 مصنفًا، ما بين كبير وصغير ورسالة وحاشية ونكت وتعليقات وديوان شعر، وإن كانت بهذه الكثرة، فإن السمة الغالبة على تآليفه هي الحديث وعلومه، هذا مع الدقة والتحرير والإتقان