وثلاثين ومائتين، وله سبع وسبعون سنة، كما سيأتي.
فنشأ إسحاق في هذا الوسط العلمي العظيم، مما كان له الأثر الكبير في نفسيته وحثه على الجد والمثابرة في طلب العلم، فلا مكان لجاهل بين العلماء.
بخلاف من نشأ في بيئة متخلفة، فإن كل ما حوله يدعوه إلى الكسل والفتور، وقد لا يستطيع أن يجد من يتعلم منه وإن حرص على ذلك.
بدأ إسحاق في تحصيل العلم منذ نعومة أظفاره، فبدأ بالكُتَّاب، على عادتهم إذ ذاك، فإذا حفظ القرآن الكريم، ابتدأ في الطلب وأول ذلك حفظ ما يتيسر من الكتب المختصرة. وقد يحفظ بعض ذلك وهو لا يزال في الكُتاب، وهذا لا يحصل -في الغالب- إلَّا ممن كان ذا حافظة قوية. كإسحاق بن راهويه، وقد قال في مناظرة له مع إبراهيم بن أبي صالح: حفظته من كِتَاب جده، وأنا وهو في كتاب واحد (?). اهـ. وسرعان ما تهيأ هذا الشاب اليافع لحضور مجالس العلماء ودروسهم (?) فظهرت بوادر النبوغ على محياه. وكانت عادة المتقدمين أن لايرحل رجل من بلده لطلب العلم حتى يلم بما فيه من العلم، فكان طلاب العلم يتفاوتون في ذلك، فمنهم من يمكث السنوات الطوال