وعشرين ومائتين فيها وَثَب قوم يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من شهر ربيع الأول في مسجد الرصافة على رجلين من الجهمية فضربوهما وأذلُّوهما، ثم مضوا إلى مسجد شُعَيب بن سهل القاضي (?) يريدون مَحْو كتاب كان كتبه على مسجده يذكر فيه أن القرآن مخلوق، فأشرف عليهم خادم لِشُعَيب، فرماهم بالنُشَّاب (?)، فوثبوا فأحرقوا باب شعيب، وانتهب ناس منزله، وأرادوا نفسه، فهرب منهم، وهو أول قاض حُرِق بابه، وانتُهِب منزله فيما بلغنا، وكان يقول قَوْل جَهْم، مُبغِضًا لأهل السنة، مُتَحامِلا عليهم، مُنتَقِصًا لهم، لا يقبل لأحد منهم صَرفًا (?) ولا عَدلًا (?).

فهذا يدلّ على أن الحارث كان على مُعتَقَد أهل السنة، كارهًا للجهمية، رافِضًا القول بِخَلْق القرآن.

المطلب السابع شُيُوخه

تَلَقّى الحارث -رحمه الله- العلم، وطَلَب السماع على عدد كبير من علماء عَصره، وقد تنوعت علومهم، وتَعددت معارفهم، ومنهم من عُرِفت مكانتهم وجلالتهم، كل ذلك كان له الأثر في تكوين شخصية الحارث، وجَمْعه لِقَدر كبير من المعارف والعلوم، يظهر ذلك جليا إذا أمعنّا النظر في شخصيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015