مُضْغَةً سَوْدَاءَ رَمَى بِهَا، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ يمنة منه، كأنه يتناول شيئًا، (?) ثم أتى بالخاتم في يده من نُورِ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ، يَخْطَفُ أَبْصَارَ النَّاظِرِينَ دُونَهُ، فختم قلبي، فامتلأ نورًا، وختمه، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ، فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الْخَاتَمِ فِي قَلْبِي دَهْرًا، ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ، فَنَحَّى صاحبه، فأمر يده بين ثديي وَمُنْتَهَى عَانَتِي، فَالْتَأَمَ ذَلِكَ الشِّقُّ بِإِذْنِ اللَّهِ تعالى، ثم أخذ بيدي، فَأَنْهَضَنِي مِنْ مَكَانِي إِنْهَاضًا لَطِيفًا، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ الَّذِي شَقَّ بَطْنِي (?): زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، قَالَ: دَعُوهُ، فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ جَمِيعًا لَرَجَحَ بِهِمْ، ثُمَّ قَامُوا إليَّ، فَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ، وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ عَيْنِي، ثُمَّ قَالُوا: يَا حَبِيبُ! لِمَ تُرَعْ، إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا يُرَادُ بك من الخير، لقرّت عينك، قال: فبينما نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ الْحَيُّ بِحَذَافِيرِهِمْ، فَإِذَا ظِئْرِي أَمَامَ الْحَيِّ، تَهْتِفُ بِأَعْلَى صَوْتِهَا، وَهِيَ تقول: يا ضعيفاه! قال: فأكبّوا عليّ يقبلوني، ويقولون: يا حبذا أنت مِنْ ضَعِيفٍ! ثُمَّ قَالَتْ: وَاوَحِيدَاهُ! قَالَ: فَأَكَبُّوا علي يقبلوني، ويقولون: يا حبذا أنت مِنْ وَحِيدٍ! مَا أَنْتَ بِوَحِيدٍ، إِنَّ اللَّهَ معك وملائكته والمؤمنون مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا يَتِيمَاهُ! اسْتُضْعِفْتَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِكَ، فَقُتِلْتَ (?) لِضَعْفِكَ، فَأَكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ، وَقَبَّلُوا رَأْسِي، وَقَالُوا: يَا حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ يَتِيمٍ، مَا أَكْرَمَكَ على الله عزَّ وجلَّ، لَوْ تَعْلَمُ مَاذَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ، قَالَ: فَوَصَلُوا إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي، فَلَمَّا بَصُرَتْ