فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد: فإن السنة النبوية المطهرة قرينة كتاب الله تعالى: وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإِسلام، فكان الاشتغال بها وبما يتعلق بها من خير ما صرفت فيه الجهود، وبذلت فيه الأوقات، وأفنيت فيه الساعات، كيف ومن عاش معها فكأنه يعيش مع رسول البشرية ومعلم الإِنسانية، خير من وطئ التراب، وظلل بالسحاب -صلى الله عليه وسلم-، فكأنه معها يجلس بين يديه، يستمع لتوجيهه، ويحضر مواقفه، ويسير على نهجه الذي هو خير السبل، وهو الموصل إلى رضي الله تعالى.

وقد قيض الله تعالى، لهذه الأمة -على مر الزمان- من تصدى لخدمة سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وتكونت علوم عدة متعلقة بالسنة النبوية المطهرة، وصنفت لأجلها المصنفات التي تتعلق بذلك الفن.

ولعل من أعظم هذه الكتب والفنون، ما كان متعلقًا بجمع سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فتنوعت كذلك الكتب على حسب الغرض من التأليف، فمن فقيه حافظ جمع حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في جامع، أو مصنف، أو سنن، أو موطأ وما بين حافظ بحر جمع الحديث في مسند أو معجم أو نحو ذلك.

وكان القرن الثالث الهجري هو العصر الذهبي الذي جمع عددًا هائلًا من الأئمة الكبار الذين دونوا وجمعوا سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في مسانيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015