= الحكم عليه:
تقدم قول الحافظ عند الإسناد الأول: هذا سند صحيح لكن له علة.
أما عن صحة الإسناد، فهو واضح، إذ إن رجاله ثقات، وهو متصل، لكن يبدو أن هناك علة خفية، والذي ظهر لي أن أبا سلمة مع مجاهد وعطاء أرسلوا الحديث، لانهم قالوا: إن أم سليم. . . ولم يقولوا: عن أم سليم. . .، وأبو سلمة لم أر من أثبت له سماعًا من أم سليم، أو نفاه، ولم أر له أيضًا سماعًا في غير هذا الحديث، ويقرب أن عدم سماعه أرجح، ويؤيد ذلك ما جاء في نسخة (ك)، وهو قول الحافظ عن الإسناد الثاني (فذكره مرسلًا)، وذلك أن الأئمة صرحوا بعدم سماعه من أناس توفوا معها، لأنها توفيت في خلافة عثمان رضي الله عنه، فنفوا سماعه من أبيه عبد الرحمن وعلل أحمد ذلك بأنه مات وهو صغير، بيد أن وفاته كانت سنة اثنتين وثلاثين -أي أواخر خلافة عثمان-، بل أنكروا سماعه من أناس تأخروا بعد ذلك بزمن طويل، أمثال أبي موسى، وأم حبيبة، وعمرو بن العاص، وطلحة، ولذا قال الحافظ رحمه الله في ختام ترجمة أبي سلمة بعد أن نقل نصوص الأئمة فيمن لم يسمع منهم: ولئن كان كذلك، فلم يسمع أيضًا من عثمان ولا من أبي الدرداء، فإن كلاَّ منهما مات قبل طلحة، والله تعالى أعلم. اهـ. انظر: التهذيب (12/ 117، 118).
فيظهر والله أعلم أنه وقع وهم لأحد هؤلاء الثقات ولا عجب في ذلك، فقد يقع مثل ذلك ممن هو أجلّ منهم.
وأما متن الحديث فهو ثابت عن أم سليم، من طريقها، ومن طريق عائشة، وأم سلمة، وأنس رضي الله عنهم، في الصحيحين وغيرهما، كما تقدم من اشارة الحافظ لذلك بعد الحديث.