وهذا الِاسْنَادِ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: انْطَلِقْ إِلَى عَدُوِّي فَأْتِنِي بِهِ، فَإِنِّي قَدْ بَسَطْتُ له من رِزْقِي وَسَرْبَلْتُهُ نِعْمَتِي فَأَبَى إِلَّا مَعْصِيَتِي، فَأْتِنِي بِهِ لِأَنْتَقِمَ مِنْهُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي أَكْرَهِ صُورَةٍ رَآهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ، لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَيْنًا، وَمَعَهُ سَفُّودٌ مِنْ حَدِيدٍ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَمَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مَعَهُمْ نُحَاسٌ وَجَمْرٌ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، وَمَعَهُمْ سِيَاطٌ مِنْ نَارٍ، لِينُهَا لِينُ السِّيَاطِ وَهِيَ نَارٌ تَأَجَّجُ، قَالَ: فَيَضْرِبُهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِذَلِكَ
-[543]- السَّفُّودِ ضَرْبَةً تغيب أَصْلُ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْ ذَلِكَ السَّفُّودِ فِي أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ وَعِرْقٍ وَظُفْرٍ، ثُمَّ يَلْوِيهِ لَيًّا شَدِيدًا فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ أَظْفَارِ قَدَمَيْهِ، فَيُلْقِيهَا فِي عَقِبَيْهِ، قَالَ: فيكسر عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً فَيُرَوِّحُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ، ثُمَّ تنثره الملائكة نَثْرَةً، فَتُنْزَعُ رُوحُهُ مِنْ عَقِبَيْهِ، فَيُلْقِيهَا فِي رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يُسْكَرُ عدو الله عز وجل سَكْرَةً عِنْدَ ذَلِكَ فَيُرَفِّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، قَالَ فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ فَيَنْثُرُهُ مَلَكُ الموت نثرة فتنتزع رُوحَهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَيُلْقِيهَا فِي حِقْوَيْهِ قَالَ: فَيُسْكَرُ عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً، فَيُرَفِّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ قَالَ: فَكَذَلِكَ إِلَى صَدْرِهِ إِلَى حَلْقِهِ، فَتَبْسُطُ الْمَلَائِكَةُ النُّحَاسَ وَجَمْرَ جَهَنَّمَ تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ اللَّعِينَةُ الْمَلْعُونَةُ إلى سموم جهنم وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ.
قَالَ: فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ، قَالَ الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي شَرًّا قَدْ كُنْتَ بَطِيئًا بِي عَنْ طاعة الله تعالى، سَرِيعًا بِي إِلَى معصية الله عز وجل وَقَدْ هَلَكْتَ وَأُهْلَكْتَ، قَالَ وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَلْعَنُهُ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يعصي الله عز وجل عَلَيْهَا، قَالَ: وينطلق
-[544]- جُنُودُ إِبْلِيسَ يُبَشِّرُونَهُ بِأَنَّهُمْ قَدْ أَوْرَدُوا عَبْدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ النَّارَ، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ضُيِّقَ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ، وَتَدْخُلُ الْيُمْنَى في اليسرى (وتدخل) الْيُسْرَى فِي الْيُمْنَى، فيبعث الله تعالى إِلَيْهِ أَفَاعِيَ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ، يَأْخُذُونَهُ بِأَرْنَبَتِهِ وَإِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ، فَتَقْرِضُهُ حَتَّى يَلْتَقِينَ فِي وَسَطِهِ، ويبعث الله تعالى بملكين أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي، وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ، يَطَآنِ شُعُورِهِمَا، بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا رَبِيعَةُ وَمُضَرٌ لَمْ يُقِلُّوهَا، قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: اجْلِسْ قَالَ: فَيَجْلِسُ، فَيَسْتَوِي جَالِسًا وَتَقَعُ أَكْفَانُهُ إِلَى حِقْوَيْهِ قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ قَالَ: فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يَطِيرُ شَرَارُهَا فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ يَعُودَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ فَوْقَكَ، فَيَنْظُرُ فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ! هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ كُنْتَ أطعت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لَا يزيد أَبَدًا قال: فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ تَحْتَكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النَّارِ، -[545]- فَيَقُولَانِ: عَدُوَّ اللَّهِ! هَذَا مَنْزِلُكَ إِذْ عَصَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ ولا تزيد أَبَدًا ". وقالت عائشة رَضِيَ الله عَنْها: وَيُفْتَحُ لَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا إِلَى النَّارِ يَأْتِيهِ حَرُّهَا وسمومها حتى يبعث اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهَا.
هَذَا حَدِيثٌ عَجِيبُ السِّيَاقِ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِكَثِيرٍ مِمَّا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ رَضِيَ الله عَنْه الطَّوِيلِ الْمَشْهُورِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَى عَنْ أَنَسٍ، عَنْ تميم الداري رَضِيَ الله عَنْهما إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ويزيد الرقاشي سَيِّءُ الْحِفْظِ جِدًّا، كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ، كَانَ لَا يَضْبُطُ الْإِسْنَادَ فَيُلْزِقُ بِأَنَسٍ رَضِيَ الله عَنْه كُلَّ شَيْءٍ يَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَدُونَهُ أَيْضًا مَنْ هُوَ مِثْلَهُ، أَوْ أَشَدَّ ضَعْفًا.
(216) وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ الله عَنْه فِي الأشتراط.