3441 - قَالَ مُحَمَّدُ ابن أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو رَافِعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ المسجد، فإذا أنا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَحْدَهُ، فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَرَانِي، وَأَقُولُ مَا خَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا وَحْدَهُ، إِلَّا وَهُوَ عَلَى حَاجَةٍ، أَوْ عَلَى وَحْيٍ، فَجَعَلْتُ أُؤَامِرُ نَفْسِي أَنْ آتِيَهُ، فَأَبَتْ نَفْسِي إِلَّا أَنْ آتِيَهُ، فَجِئْتُ (فَسَلَّمْتُ) ثُمَّ جَلَسْتُ، فَجَلَسْتُ طَوِيلًا، لَا يَلْتَفِتُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِلَيَّ وَلَا يُكَلِّمُنِي، قَالَ قُلْتُ: قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَالَسَتِي، ثُمَّ الْتَفَتَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِلَيَّ، فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ) ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ:
-[202]- أَرَكَعْتَ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُمْ فَارْكَعْ، فَقُمْتُ فَرَكَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ عُدْتُ فَجَلَسْتُ، فَمَكَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلًا لَا يُكَلِّمُنِي، فَقُلْتُ: قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَالَسَتِي، ثم التفت صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إلي) فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ) ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَقُلْتُ: بِأَبِي (أَنْتَ) وَأُمِّي وَلِلْإِنْسِ شياطين؟ /
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَقُولُ) : {شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} الْآيَةَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، (قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : إِلَّا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً (هِيَ كَنْزٌ) مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، قُلْتُ: بلى بأبي أنت وَأُمِّي، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ (أَصَرَّ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى طَالَ ذَلِكَ مِنْهُ (فَاتَّنَفْتُ) الْحَدِيثَ،
-[203]- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ، فَمَا الصَّلَاةُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ (وَمَنْ) شَاءَ اسْتَكْثَرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الصِّيَامُ؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فرض مجزئ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَمَا الصَّدَقَةُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ، وَعِنْدَ اللَّهِ الْمَزِيدُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ، وَعُقِرَ جَوَادُهُ، قَالَ: قُلْتُ: يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها. /
قال: قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (جَهْدٌ (مِنْ) مُقِلٍّ وَسِرٌّ إِلَى فَقِيرٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَإِنْ لَمْ أَجِدْ مَا أَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تُعِينُ ضَعِيفًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَتَكُفُّ هَذَا، وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى لِسَانِهِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَسَنَةٌ يَتَصَدَّقُ بِهَا الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: (أَيُّمَا) أُنْزِلَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ -[204]-،
(وَتَدْرِي) مَا مَثَلُ السموات وَالْأَرْضِ فِي الْكُرْسِيِّ؟ قُلْتُ: لَا إِلَّا أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ السموات وَالْأَرْضِ في الكرسي (إلا كَحَلْقَةٍ) مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ، وَإِنَّ فَضْلَ الْكُرْسِيِّ عَلَى السموات وَالْأَرْضِ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكُلُّهُمْ كَانُوا رُسُلًا؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا كَانَ الرُّسُلُ مِنْهُمْ (خَمْسَةَ عَشَرَ) وثلثمائة رَجُلٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيُّهُمْ كَانَ أَوَّلَ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قُلْتُ: وَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ جَبَلَ اللَّهُ تُرْبَتَهُ، وَخَلَقَهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، (وَكَلَّمَهُ) قُبُلًا، ثُمَّ كَثُرَ النَّاسُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَبْخَلِ النَّاسِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.