(فَصْلٌ) النِّسْبَةُ قَدْ يَكُونَ مَعْنَاهَا أَنَّهَا ذُو شَيْءٍ وَلَيْسَ بِصَنْعَةٍ لَهُ فَتَجِيءُ عَلَى فَاعِلٍ نَحْوُ دَارِعٍ وَنَابِلٍ وَنَاشِبٍ وَتَامِرٍ لِصَاحِبِ الدِّرْعِ وَالنَّبْلِ وَالنُّشَّابِ وَالتَّمْرِ وَمِنْهُ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ ذَاتُ رِضًا، قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ وَالْبُرِّ وَالْفَاكِهَةِ شَعَّارٌ وَلَا بَرَّارٌ وَلَا فَكَّاهٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَنْعَةٍ بَلْ الْقِيَاسُ فِي الْجَمِيعِ النِّسْبَةُ عَلَى شَرَائِطِ النَّسَبِ.
وَفِي الْبَارِعِ قَالَ الْخَلِيلُ الْبِزَارَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ حِرْفَةُ الْبَزَّارِ فَجَاءَ بِهِ عَلَى فَعَّالٍ كَالْجَمَّالِ وَالْحَمَّالِ وَالدَّلَّالِ وَالسَّقَّاءِ وَالرَّأْسِ لِبَائِعِ الرُّءُوسِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَدْ تَكُونُ إلَى مُفْرَدٍ وَقَدْ تَكُونُ إلَى جَمْعٍ فَإِنْ كَانَتْ إلَى مُفْرَدٍ صَحِيحِ فَبَابُهُ أَنْ لَا يُغَيَّرَ كَالْمَالِكِيِّ نِسْبَةً إلَى مَالِكٍ وَزَيْدِيٍّ نِسْبَةً إلَى زَيْدٍ وَالشَّافِعِيِّ نِسْبَةً إلَى شَافِعٍ، وَكَذَلِكَ إذَا نَسَبْتَ إلَى مَا فِيهِ يَاءُ النَّسَبِ فَتَحْذِفُ يَاءَ النِّسْبَةِ الْأُولَى ثُمَّ تُلْحِقُ النِّسْبَةَ الثَّانِيَةَ فَتَقُولُ رَجُلٌ شَافِعِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ
-[706]- وَقَوْلُ الْعَامَّةِ شَفْعَوِيٌّ خَطَأٌ إذْ لَا سَمَاع يُؤَيِّدُهُ وَلَا قِيَاسَ يُعَضِّدُهُ وَفِي النِّسْبَةِ إلَى الْإِبِلِ وَالْمَلِكِ وَالنَّمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ إبِلِّيٌّ وَمَلَكِيٌّ بِفَتْحِ الْوَسَطِ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي (?) حَرَكَاتٍ مَعَ الْيَاءِ،
-[707]- وَإِنْ كَانَ فِي الِاسْمِ هَاءُ التَّأْنِيثِ حُذِفَتْ وَإِثْبَاتُهَا خَطَأٌ لِمُخَالَفَةِ السَّمَاعِ وَالْقِيَاسِ، فَقَوْلُ الْعَامَّةِ الْأَمْوَالُ الزَّكَاتِيَّةُ وَالْخَلِيفَتِيَّةُ بِإِثْبَاتِ التَّاءِ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا وَقَلْبُ حَرْفِ الْعِلَّةِ وَاوًا فَيُقَالُ الزَّكَوِيَّةُ وَإِذَا نُسِبَ إلَى مَا آخِرُهُ أَلِفٌ فَإِنْ كَانَتْ لَامَ الْكَلِمَةِ نَحْوُ الرِّبَا وَالزِّنَا وَمَعْلًى قُلِبَتْ وَاوًا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ (?) فَتَقُولُ رِبَوِيٌّ وَزِنَوِيٌّ بِالْكَسْرِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَفَتْحُ الْأَوَّلِ غَلَطٌ وَالرَّحَوِيُّ بِالْفَتْحِ عَلَى لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَلِفُ لِلتَّأْنِيثِ أَوْ مُقَدَّرَةً بِهِ نَحْوُ حُبْلَى وَدُنْيَا وَعِيسَى وَمُوسَى فَفِيهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا حَذْفُ الْأَلِفِ مِنْ حُبْلَى وَعِيسَى وَالثَّانِي قَلْبُ الْأَلِفِ وَاوًا تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَصْلِيِّ فَيُقَالُ دُنْيَوِيٌّ وَعِيسَوِيٌّ وَحُبْلَوِيٌّ.
وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ زِيَادَةُ وَاوٍ بَعْدَ الْأَلِفِ دُنْيَاوِيٌّ وَعِيسَاوِيٌّ وَحَبْلَاوِيٌّ مُحَافَظَةً عَلَى أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَفِي الْقَاضِي (?) وَنَحْوِهِ يَجُوزُ حَذْفُ الْيَاءِ وَقَلْبُهَا وَاوًا فَيُقَالُ قَاضِيٌّ وَقَاضَوِيٌّ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ مَمْدُودًا فَإِنْ كَانَتْ الْهَمْزَةُ لِلتَّأْنِيثِ قُلِّبَتْ وَاوًا نَحْوُ حَمْرَاوِيٍّ وَعَلْبَاوِيٍّ إلَّا فِي صَنْعَاءَ وَبَهْرَاءَ (?) فَتُقْلَبُ نُونًا وَيُقَالُ صَنْعَانِيٌّ وَبَهْرَانِيٌّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّأْنِيثِ فَإِنْ كَانَتْ أَصْلِيَّةً فَالْأَكْثَرُ ثُبُوتُهَا نَحْوُ قُرَّائِي وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَلِبَةً فَوَجْهَانِ: ثُبُوتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ النِّسْبَةَ عَارِضَةٌ وَالْأَصْلُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ وَقَلْبُهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَصْلِهَا فَيُقَالُ سَمَائِيٌّ بِالْهَمْزِ وَكِسَائِيٌّ وَصُدَائِيٌّ وَسَمَاوِيٌّ وَكِسَاوِيٌّ وَصُدَاوِيٌّ وَرِدَاوِيٌّ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ رُبَاعِيًّا نَحْوُ تَغْلِبَ وَالْمَشْرِقِ وَالْمُغْرِبِ جَازَ إبْقَاءُ الْكَسْرَةِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ عَارِضَةٌ وَجَاءَ الْفَتْحُ اسْتِيحَاشًا لِاجْتِمَاعِ كَسْرَتَيْنِ مَعَ الْيَاءِ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ عَلَى فَعِيلَةٍ (?) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَوْ فُعَيْلَةٍ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ أَوْ فُعَيْلٍ بِلَفْظِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ مُضَاعَفًا حُذِفَتْ الْيَاءُ وَفُتِحَتْ الْعَيْنُ كَحَنَفِيٍّ وَمَدَنِيٍّ فِي النِّسْبَةِ إلَى حَنِيفَةَ وَمَدِينَةٍ وَجُهَنِيٌّ وَعُرَنِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى جُهَيْنَةَ وَعُرَيْنَةَ وَمُزَنِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى مُزَيْنَةَ وَأُمَوِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى أُمَيَّةَ وَفَتْحُ الْهَمْزَةِ مَسْمُوعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقُرَشِيٍّ فِي النِّسْبَةِ إلَى قُرَيْشٍ وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الشِّعْرِ قُرَيْشِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا إنْ كَانَ فَعِيلٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ حُذِفَتْ الْيَاءُ وَفُتِحَتْ الْعَيْنُ فَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إلَى عَلِيٍّ وَعَدِيٍّ وَثَقِيفٍ عَلَوِيٌّ وَعَدَوِيٌّ وَثَقَفِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَاعَفًا فَلَا تَغْيِيرَ فَيُقَالُ جَدِيدِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى جَدِيدٍ.
وَإِنْ كَانَتْ النِّسْبَةُ إلَى جَمْعٍ فَإِنْ كَانَ مُسَمًّى بِهِ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى لَفْظِهِ نَحْوُ كِلَابِيٍّ وَضَبَابِيٍّ وَأَنْمَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ لِأَنَّهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْمُفْرَدِ فَلَمْ يُغَيَّرْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى بِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ نَسَبْتَ إلَى ذَلِكَ الْوَاحِدِ فَرْقًا بَيْنَ الْجَمْعِ الْمُسَمَّى بِهِ وَغَيْرِ الْمُسَمَّى بِهِ وَقُلْتَ مَسْجِدِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْمَسَاجِدِ وَفَرْضِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْفَرَائِضِ وَصَحَفِيُّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الصُّحُفِ لِأَنَّكَ تَرُدُّهُ إلَى وَاحِدِهِ وَهُوَ فَرِيضَةٌ وَصَحِيفَةٌ وَقِيلَ إنَّمَا رُدَّ إلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجِنْسِ وَفِي الْوَاحِدِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ فَأَغْنَى عَنْ الْجَمْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ نَسَبْتَ إلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَيُقَالُ نَفَرِيٌّ وَأُنَاسِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى نَفَرٍ وَأُنَاسٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَمَعْتَ شَيْئًا مِنْ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا نَحْوُ نَبَطٍ تُجْمَعُ عَلَى أَنْبَاطٍ إذَا نَسَبْتَ إلَيْهِ رَدَدْتَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَقُلْتَ نَبَطِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْأَنْبَاطِ وَنِسْوِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى النِّسَاءِ وَيُنْسَبُ فِي الْمُتَضَايِفَيْنِ إلَى الثَّانِي إنْ تَعَرَّفَ الْأَوَّلُ بِهِ أَوْ خِيفَ لَبْسٌ وَإِلَّا فَإِلَى الْأَوَّلِ فَيُقَالُ مَنَافِيٌّ وَزُبَيْرِيٌّ فِي عَبْدِ مَنَافٍ.
وَفِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِيٌّ فِي عَبْدِ زَيْدٍ وَيُقَالُ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدِ الدَّارِ
-[708]- وَحَضْرَمَوْتَ عَبْقَسِيٌّ وَعَبْشَمِيٌّ وَعَبْدَرِيٌّ وَحَضْرَمِيٌّ وَفِي الْمُتَرَاكِبَيْنِ الْأَفْصَحُ إلَى الْأَوَّلِ فَيُقَالُ بَعْلِيٌّ فِي بَعْلَبَكَّ وَجَازَ إلَيْهِمَا.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مُتَّسِعٌ يُعْرَفُ مِنْ أَبْوَابِهِ (?) وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ الْأَهَمَّ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.