الجائزين استنادا إلى المصلحة المرسلة.

فالحاصل أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتعلقون بالمصالح المرسلة التي لم يدل دليل على إلغائها، ولم تعارضها مفسدة راجحة أو مساوية، وأن جميع المذاهب يتعلق أهلها بالمصالح المرسلة، وإن زعموا التباعد منها، ومن تتبع وقائع الصحابة وفروع المذاهب علم صحة ذلك، ولكن التحقيق أن العمل بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ وغاية الحذر حتى يتحقق صحة المصلحة وعدم معارضتها لمصلحة أرجح منها أو مفسدة أرجح منها أو مساوية لها، وعدم تأديتها إلى مفسدة في ثاني حال.

واعلم أن العمل بالمصالح المرسلة المذكور ليس تشريعاً جديداً خالياً عن دليل أصلاً بل من يعمل بها من العلماء كمالك وغيره يستند في ذلك إلى أمور.

منها: عمل الصحابة رضي الله عنهم بها من غير أن ينكر منهم أحد وهم خير أسوة.

ومنها: أنه قد علم من استقراء الشرع الكريم محافظته على المصالح وعدم إهدارها ولا سيما إن كانت المصلحة متمحضة لم تستلزم مفسدة ولم تعارض مصلحة راجحة. ولم تصادم نصا من الوحي.

ومنها: أن بعض النصوص قد يدل لذلك كما ذكرنا آنفاً في صحيح مسلم من أن بعض الصحابة انتهر بريرة لتصدُق النبي صلى الله عليه وسلم فيما تعلم عن عائشة وبريرة مسلمة وإيذاء المسلم بالانتهار من غير ذنب حرام، وقد استباحه بعض الصحابة للمصلحة المرسلة وهي تخويف الجارية حتى تقول الحق، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015