منطقة الشرق الأوسط وحدها، إن شئت فقل إنه باب للقرن الأمريكي، غير أن الدور الإسرائيلي ترك بصماته في الحملة، في كل مراحلها، ولعلي لا أبالغ إذا قلت أن تلك الأطماع يراد لها أن ترشح منطقتنا أيضاً للدخول فيما يمكن أن نسميه بالعصر الإسرائيلي.
والعلاقة بين الأصوليين الإنجيليين في الولايات المتحدة وبين "إسرائيل" وثيقة للغاية -كما هو مشهور - إذ تذكر السيدة الأمريكية (جريس هالسل) في كتابها ((النبوءة والسياسة)) (?):أن سيدة بروتستانتية اشترت منزلاً في واشنطن بمبلغ نصف مليون دولار، واختارت له أن يكون مقابلا للسفارة الإسرائيلية، وإلى هذا المنزل يتوجه عديد من الإنجيليين - بعضهم من ذوي المناصب الرفيعة في الحكومة الأمريكية - للصلاة من أجل "إسرائيل" على مدار الساعة، وهم في صلواتهم يتوجهون بأبصارهم وقبلتهم ناحية السفارة الإسرائيلية على الرصيف المقابل من الشارع، ويدعون الرب لأن يحفظ "إسرائيل" وينصرها، وأن يقرب اليوم الذي يختفي فيه كل أثر للفلسطينيين فوق (أرض الميعاد)!
وأضافت المؤلفة: أنها حين راجعت أسماء المسؤولين الأمريكيين في سجل زيارات المنزل، فوجئت بأن الرئيس (رونالد ريجان) على رأسهم!
كما قال «كينين» أحد أبرز القيادات الصهيونية الأمريكية، في كتابه «خط الدفاع الإسرائيلي»: أن الكنيسة الإنجيلية احتضنت الفكرة الصهيونية قبل هرتزل بقرون، وأن الفكرة كانت أنشودة مسيحية قبل أن تصبح حركة سياسية يهودية. ومن المهم أيضاً أن نعرف أن الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين واعتبارها أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض، كانت ضمن مشروع قدمه اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانيا الأسبق- إلى مؤتمر عقد في لندن عام 1840 - وكان بالمرستون أحد الذين يعتقدون أن عودة اليهود إلى فلسطين شرط لتحقيق المجيء الثاني للمسيح، وأن مساعدة اليهود لتحقيق تلك الغاية أمر يريده الله، لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وهو تصور استخلصه البروتستانت اعتماداً على بعض (?).
ويرصد كثير من المؤرخين كيف أعطى المهاجرون الأوائل أبناءهم أسماء عبرانية «ابراهام، سارة، العازر ..» كما أطلقوا على مستوطناتهم أسماء عبرانية «حبرون، وكنعان ..» وفرضوا تعليم اللغة العبرية في مدارسهم وجامعاتهم، حتى إن أول دكتوراه منحتها جامعة هارفارد في العام 1642 م كانت