وتذهب الولايات المتحدة بعيداً في توصيف المعوّقات المشار إليها وكذلك النتائج المترتبة عليها في الواقع، مستندة في طرحها إلى جملة من المؤشرات الرقمية الواردة في تقريري الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية للعامين الأخيرين 2002 - 2003.لجأت الولايات المتحدة إلى توظيف ذريعة الإحصاءات المذكورة من أجل تبرير تدخل أميركي على المستويات كافة، عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية، يتولى صياغة -شرق أوسط أميركي- بمساعدة أوروبية ملحقة أكثر منها قائمة على التكافؤ في الشراكة مع الولايات المتحدة (?).
فالإدارة الحاكمة في أميركا -إدارة المحافظين الجدد- راحت تدعوا أوروبا بإلحاح تحت التلويح بالمخاطر المهددة لمصالحها في المستقبل، راحت تدعوها إلى المساعدة في إعادة هيكلة الشرق الأوسط بما يستجيب لحاجات الرأسماليات الصناعية وفي مقدمتها مجموعة الثماني (G,8) إلى شراكة بعيدة المدى مع قوى الإصلاح في الشرق الأوسط، وهي قوى تقوم أميركا وأوروبا في خلقها وتهيئتها وتثقيفها وتنشئتها. أما أولويات الإصلاح من المنظور الأميركي فتتمحور حول ثلاث قضايا مركزية- كما مر-: تشجيع الديموقراطية، وبناء مجتمع معرفي، وإصلاحات هيكلية اقتصادية.
وتحدث وزير الخارجية كولن باول أمام إحدى لجان الكونغرس عن "توسيع الديموقراطية في الشرق الأوسط" قائلاً: "أننا نؤمن بأن توسيع الديموقراطية في الشرق الأوسط هو أمر حيوي للتخلص من الإرهاب الدولي. ولكن في الكثير من دول الشرق الأوسط الديموقراطية ضيف غير مرغوب، وفي أسوأ الظروف غريب تماما. وان الولايات المتحدة تواصل زيادة نشاطاتها الديبلوماسية ومساعداتها من اجل ترويج أصوات ديموقراطية - على وجه الخصوص المرأة - من العملية السياسية ومساندة المحاسبة في العمل الحكومي ومساعدة جهود محلية من اجل تعزيز احترام القانون، وأيضا مساعدة الإعلام المستقل والاستثمار لدى الجيل المقبل من القادة" (?).
فالإصلاحات التي يتسارع إليها بعض الحكام اليوم، هي ليست من بنيات أفكارهم، ولا وليدة صحوة الضمير! وإن كنّا نتمنى عليهم هذه الصحوة، قبل الطوفان، بيد أنها محاولة لاسترضاء السيدة (أمريكا)،وإليك ما صرح به أحد مسئولي وزارة الخارجية الأميركية المعنيين بشؤون الشرق الأوسط في مؤتمر أن الديبلوماسي العربي (..) الذي سيحضر بعده للحديث عن التغيير في بلاده "سيصرّ على أن كل