الفصل الثاني
المشروع الأمريكي في المنطقة
عرضت الولايات المتحدة على مجموع الدول الصناعية الثماني مشروع «الشرق الأوسط الكبير» لدرسه، وبلورة موقف موحد منه خلال قمة الدول الثماني، التي عقدت في حزيران في "سي أيلاند"، في ولاية جورجيا الأميركية، وتعمل واشنطن للحصول على تأييد كل من هذه الدول لمبادرتها. وقد تلقت هذه الدول المشروع الأميركي من غير أن تشترك في صناعته.
لقد استند المشروع الأميركي على تقرير التنمية الإنسانية العربية لعامي 2002م و2003م الذي تصدره الأمم المتحدة والذي يصف الوضع الحالي، في منطقة الشرق الأوسط، بأنه سيئ في المجال الاقتصادي، والثقافي، والإعلامي، والسياسي وأنه "إذا استمر على المسار ذاته، فإن المشكلة ستتفاقم، وسيشكل ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثماني".
ويمثل هذا المشروع رؤية الولايات المتحدة لاستعمار منطقة الشرق الأوسط الذي وسّعته في مشروعها ليشمل إلى جانب الدول العربية كلاً من تركيا، وإيران، وباكستان، وأفغانستان وهي الدول التي تحصر فيها أميركا الخطر الإسلامي إضافة ل (إسرائيل)،. وهي طرحته من أجل الحفاظ على مصالحها الأمنية باعتبار أن وضع المسلمين «المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية سيشهد مزيداً من التطرف، والإرهاب، والجريمة الدولية، والهجرة غير المشروعة». هذا وقد أرادت من الحلف الأطلسي أن يكون الذراع العسكرية الأمنية لتنفيذ هذا المشروع (?).
إن الحل الذي خلصت إليه أميركا، في مشروعها هذا، هو الإصلاح. ولكن أي إصلاح؟ إنه الإصلاح الذي يرمي إلى ضرب الإسلام، تحت حجة ضرب الإرهاب ومنع التطرف الذي ترى أميركا أنهما إسلاميا الهوية والانتماء. نعم إنه الإسلام الذي يتحرك الجميع من أجل ضربه: أميركا و (إسرائيل) وبعض دول أوروبا.
إذ تعتبر أميركا الإسلام عدوها الاستراتيجي الأول، وتضع الخطط لمحاصرته، وتشويه صورته، وإبعاده عن ساحة الصراع، وتجمع الدول حولها من أجل قيادتها في هذا الصراع، وتريد بالمقابل من المسلمين أن يواجهوها بالحوار!
ويقف إلى يمينها، ويسارها، وأمامَها، ووراءها، ومن فوقها، ومن تحتها، شياطين اليهود، ينفثون فيها روح الحقد والكراهية ويوقدون نار الحروب ضد الإسلام والمسلمين.