وإذا تبين لنا أن الإكراه ـ بشروطه المعتبرة ـ يبيح للمكره أن يظهر الكفر، فليعلم أن ذلك على سبيل الترخيص، ولا يقتضي ذلك وجوبَ أو استحبابَ الأخذِ بالرخصة، فإن الرخصة حكم استثنائي عارض ومؤقت، وهي إنما شرعت لسد الخلل، حينما يطرأ على المكلف ما يعرضه لفوات واحدة من الضرورات حال امتثاله للتكليف، فمتى زال الضرر لم تجز في حقه الرخصة، بل الواجب العمل على الخروج من حالة الضرورة متى قدر على ذلك، ثم إن الأولى والأكمل الأخذ بالعزيمة، ولو وصل الإكراه إلى حد القتل.
وفي الموسوعة الفقهية:" وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الأَْذَى الْمَخُوفُ وُقُوعُهُ مِمَّا يَشُقُّ احْتِمَالُهُ. وَالأَْذَى إمَّا أَنْ يَكُونَ بِضَرَرٍ فِي نَفْسِ الإِْنْسَانِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ. أَوْ فِي الْغَيْرِ، أَوْ تَفْوِيتِ مَنْفَعَةٍ. فَالأَْوَّل كَخَوْفِ الْقَتْل أَوِ الْجُرْحِ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوِ الْحَرْقِ الْمُؤْلِمِ أَوِ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ أَوِ الْحَبْسِ مَعَ التَّجْوِيعِ وَمَنْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: أَوْ خَوْفِ صَفْعٍ وَلَوْ قَلِيلاً لِذِي مُرُوءَةٍ عَلَى مَلأٍَ مِنَ النَّاسِ. (?)
أَمَّا التَّجْوِيعُ الْيَسِيرُ وَالْحَبْسُ الْيَسِيرُ وَالضَّرْبُ الْيَسِيرُ فَلاَ تَحِل بِهِ التَّقِيَّةُ وَلاَ يُجِيزُ إظْهَارَ مُوَالاَةِ الْكَافِرِينَ أَوِ ارْتِكَابَ الْمُحَرَّمِ. وَرَخَّصَ الْبَعْضُ فِي التَّقِيَّةِ لأَِجْلِهِ. فعَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَيْسَ