المبحث السابع
ضوابط الإكراه في المسألة
الإكراه عذر شرعي معتبر بشروطه التي بينها الأصوليون، فمتى وجد انتفى معه التكليف، ولم يؤاخذ المكلف بأفعاله، بل أفعاله وتصرفاته ـ عندئذ ـ موصومة بالبطلان، غير معتبرة شرعاً، إلا أن هذه القاعدة لا تنسحب على مجرد الخوف وتوقع الضرر، فثم حالات لا مجال للاعتذار فيها بمكروه يخشى وقوعه، بل والإكراه ذاته لا اعتبار له إذا ما كان على ما لا يتصور الإكراه فيه، اللهم إلا أن يكون إكراهاً ملجئاً تنتفي فيه إرادة المكلف بالكلية، ومن هذين النوعين الأخيرين مسألتان متعلقتان بموضوعنا هنا: الأولى: خشية الضرر الحاصل من قطع موالاة المشركين، والثانية: الإكراه على القتل.
وفيها مسألتان: (أحدهما:) أنه لا يتصور الإكراه على الموالاة القلبية الباطنة، إذ لا سلطان لأحد على قلب أحد، ولذلك حذر الله تعالى عباده من ميل قلوبهم إلى المشركين، لاسيما حال عملهم بالتقية، إذا ما أكرهوا على الكفر، فقال تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ