جهدا، ولم يقبل من منهجه بديلا - ولا في جزء منه صغير - ولم يخلط بينه وبين أي منهج آخر في تصور اعتقادي، ولا في نظام اجتماعي، ولا في أحكام تشريعية، إلا ما استبقاه الله في هذا المنهج من شرائع من قبلنا من أهل الكتاب ...

إن اقتناع المسلم إلى درجة اليقين الجازم بهذا كله هو - وحده - الذي يدفعه للاضطلاع بعبء النهوض بتحقيق منهج الله الذي رضيه للناس في وجه العقبات الشاقة، والتكاليف المضنية، والمقاومة العنيدة، والكيد الناصب، والألم الذي يكاد يجاوز الطاقة في كثير من الأحيان .. وإلا فما العناء في أمر يغني عنه غيره - مما هو قائم في الأرض من جاهلية .. سواء كانت هذه الجاهلية ممثلة في وثنية الشرك، أو في انحراف أهل الكتاب، أو في الإلحاد السافر .. بل ما العناء في إقامة المنهج الإسلامي، إذا كانت الفوارق بينه وبين مناهج أهل الكتاب أو غيرهم قليلة يمكن الالتقاء عليها بالمصالحة والمهادنة؟

إن الذين يحاولون تمييع هذه المفاصلة الحاسمة، باسم التسامح والتقريب بين أهل الأديان السماوية، يخطئون فهم معنى الأديان كما يخطئون فهم معنى التسامح. فالدين هو الدين الأخير وحده عند الله. والتسامح يكون في المعاملات الشخصية، لا في التصور الاعتقادي ولا في النظام الاجتماعي .. إنهم يحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم بأن الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015