قال وهل يشترط فيه أن يعرف من الحساب ما تصح به المسائل الحسابية الفقهية حكى أبو إسحاق وأبو منصور فيه خلافا للأصحاب والأصح اشتراطه وهذا إنما يشترط في المفتي في جميع أبواب الشرع.
القسم الثاني المفتى الذي ليس بمستقل ومنذ دهر طوى بساط المفتى المستقل والمجتهد المطلق وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة وللمفتى المنتسب أحوال أربع.
أحدها أن لا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله وإنما انتسب إليه لسلوك طريقه في الاجتهاد وذكر عن أبى إسحاق الاسفرائيني أنه حكى عن أصحاب مالك وأحمد وداود وأكثر أصحاب أبى حنيفة أنهم صاروا إلى مذهب أئمتهم تقليدا لهم ثم قال والصحيح الذي ذهب إليه المحققون ما ذهب إليه أصحابنا وهو أنهم صاروا إلى مذهب الشافعي لا على جهة التقليد له لكن لأنهم وجدوا طريقة في الاجتهاد والفتاوى أسد الطرق.
قال أبو عمرو ودعوى انتفاء التقليد عنهم مطلقا من كل وجه لا تستقيم إلا أن يكونوا قد أحاطوا بعلوم الاجتهاد المطلق وذلك لا يلائم المعلوم من أحوالهم أو أحوال أكثرهم وذكر بعض الأصوليين من أصحابنا أنه لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل وحكي اختلافا بين الحنفية والشافعية في أبى يوسف ومحمد والمزني وابن سريج هل كانوا مستقلين أم لا قال ولا يستنكر دعوى ذلك فيهم في فن من الفقه بناء على جواز تجزؤ منصب الاجتهاد ويبعد جريان الخلاف في حق هؤلاء المتبحرين الذين عم نظرهم الأبواب كلها وفتوى المنتسبين في هذه الحال في حكم فتوى المجتهد المستقل المطلق يعمل بها ويعتد بها في الإجماع والخلاف.
الحالة الثانية أن يكون مجتهدا مقيدا في مذهب إمامه يستقل بتقرير مذهبه بالدليل غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده ولا بد أن يكون عالما