ولا شك أن من لم يعرف هذا لم يجز له أن يتقلد من الكتب ما شاء لا عملا ولا إفتاء وصريحه يقتضى أنه إذا سأل ما يؤخذ به منها عمل به وأما الإفتاء فمسكوت عنه وليس هذا منافيا لما قاله في أهل الحديث الذين لا يعرفون الضعيف لأن أولئك أهل الحديث ليسوا أهل كتب مجردة ومثل هؤلاء يعرفون المتروك لكن لا يعرفون الضعيف المطلق الذي هو الحسن فغايتهم أن يفتوا به وهو خير من رأى معين بخلاف الحديث المتروك فإنه لا خير فيه بحال.
[شيخنا] فصل:
الذي ليس بمجتهد له أن يجتهد في أعيان المفتين بلا ريب وهل يجتهد أعيان المسائل التي يقلد فيها بحيث إذا غلب على ظنه أن بعض المسائل على مذهب فقيه أقوى فعليه أن يقلده فيها ويفتى أخبارا عن قوله قال ذلك أبو الحسين القدوري وقال أبو الطيب الطبري ليس للعامي استحسان الأحكام فيما اختلف فيه الفقهاء ولا أن يقول قول فلان أقوى من قول فلان ولا حكم لما يغلب على ظنه ولا اعتبار به ولا طريق له إلى الاستحسان كما لا طريق له إلى الصحة.
[شيخنا] فصل:
إذا جوز للعامي أن يقلد من شاء فالذي يدل عليه كلام أصحابنا وغيرهم أنه لا يجوز له يتتبع الرخص [مطلقا1] فإن أحمد أثر2 مثل ذلك عن السلف وأخبر به3 فروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال سمعت يحيى القطان يقول لو أن رجلا عمل بكل رخصة بقول أهل المدينة في السماع يعنى في الغناء وبقول أهل الكوفة في النبيذ وبقول