أهل البغي على سيرة علي ولما أنكر ابن معين على الشافعي ذلك قال له أحمد ويحك فماذا عسى أن يقول في هذا المقام إلا هذا يريد أنا لما أردنا أن نتكلم في نوع ذلك العمل لأجلنا عينا المصيب والمخطئ وأما الكلام في عين عملهما لا لأجل عملنا فلا حاجة لنا فيه فإن أكثر ما فيه نوع علم يقترن به غالبا من غل القلب ما يضر فيكون إثمه أكبر من نفعه كالغيبة مثلا.
قال القاضي في رأس المسألة الحق في واحد عند الله وقد نصب الله على ذلك دليلا إما غامضا وإما جليا وكلف المجتهد طلبه وإصابته بذلك الدليل فإن اجتهد وأصابه كان مصيبا عند الله وفي الحكم وله أجران أحدهما على اجتهاده والآخر على إصابته وإن أخطأه كان مخطئا عند الله وفي الحكم وله أجر على اجتهاده والخطأ موضوع عنه وردد هذا المعنى.
ثم قال في أثنائها فإن قيل كيف يستحق الأجر وقد أخطأ في الحكم وفي الاجتهاد قيل هو مصيب فيما فعل من الاجتهاد مخطئ في تركه للزيادة على ما فعله فهو مأجور على ما فعله مغفور له تركه ما ترك من الاجتهاد.
وقال أيضا فيها وأما منعه من العمل بما أدى اجتهاده إليه فلا يمنع منه لأن فرضه أن يحكم باجتهاده وبما يصح عنده فلا يصح منعه.
فقد أخبر أنه كلف إصابة الحكم المعين وأنه كلف الحكم باجتهاده وإن كان قد أفضى إلى غير المعين في الباطن وكلا القولين صحيح وبه ينحل الإشكال.
وقالت الحنفية كل مجتهد مصيب لما كلف من حكم الله تع إلى والحق واحد عند الله وهو الأشبه الذي لو نص الله على الحكم لنص عليه ولا شك أنه واحد وذكر أبو الخطاب أن هذا وفق قولنا إلا أن المكلف لم يكلف إصابته