إن الناس أجمعوا على أنه لا يسوغ فيها التقليد لأنه ثبت بالتواتر ونقلته الأمة خلفها عن سلفها فمعرفة العامي به توافق معرفة العالم كما تتفق1 معرفتهما بأخبار التواتر في الحسيات اختاره القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب.
قال والد شيخنا الذي ذكره القاضي أنه لا يجوز التقليد في معرفة الله ووحدانيته والرسالة ولا في السمعيات المتواترة الظاهرة كالصلوات ووجوب الزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت لاستواء الناس في طرق علم ذلك وهذا مطابق لما ذكره ابن عقيل فأما الفروع التي ليست متواترة ظاهرة فيسوغ التقليد فيها وإن كان فيها ما لا يسوغ فيه الاجتهاد لإجماع غير مشهور أو نص يعرفه الخاصة مثل وجوب الشفعة وحمل العاقلة دية الخطأ وكون الطواف والوقوف ركنين في الحج وتفاصيل نصب الزكاة وفرائضها وقطع اليمنى من يد السارق وتنجس الدهن بموت الفأرة إلى غير ذلك من أحكام مجمع عليها لا تعد ولا تحصى مجمع عليها لا يسوغ فيها الاجتهاد والاختلاف ومع هذا فهى غير ظاهرة ظهور أصول الشرائع فيسوغ فيها التقليد لأن تكليف العامى معرفة الفرق بين مسائل الإجماع والاختلاف يضاهي تكليفه درك حكم حوادثه بالدليل ولهذا يكفر جاحد الأحكام الظاهرة المجمع عليها وإن كان عاميا دون الخفية فما فرق بينهما في التكفير فرق في التقليد وكذلك أيضا منع التقليد في جميع مسائل الأصول فيه نظر بل الحق ما ذكره القاضي وابن عقيل أن المنع في التوحيد والرسالة فانهما ركنا الإسلام وفاتحة الدعوة وعاصمة الدم ومناط النجاة والفوز فأما تكليف عموم الناس درك دقائق المسائل الأصولية بالدليل فهو قريب من تكليفهم ذلك في الفروع فليميز الفرق فإن تراجم هذه المسألة مختلفة في كلام أصحابنا وغيرهم.
قال شيخنا وكذلك قال أبو الخطاب الذي لا يسوغ2 التقليد فيها هو معرفة