قلت إذا لم نقل بتخصيص العلة أخذ من موضع الاستحسان قيدا فجعله قيدا في العلة ويتبين بذلك أن تلك لم تكن علة تامة كما يتبين بالمخصص أنها لم تكن عامة فلا فرق بين القول بتخصيص العلة وعدم تخصيصها وهذا الذي قاله أبو الخطاب يوافق قول أبي الحسين وابن الخطيب وغيرهما.
وفسر الحلواني الاستحسان بأنه ترك [القياس لدليل أقوى منه من كتاب أو سنة أو إجماع قال وفسره بعض الناس بأنه ترك القياس1] بما يستحسنه بعض الناس من غير دليل وأنكر الكرخي هذا وقال هو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل يخصها وقال بعضهم هو القول بأقوى الدليلين وقال غيره هو تخصيص العلة وقد أومأ أحمد إلى كلام يقتضى أن القول بالاستحسان باطل وبه قال الشافعي ثم ذكر في أثناء كلامه في قوله ما رآه المسلمون حسنا أنه عام في جميعهم وفى بعضهم وقال الاستحسان هو الأخذ بأقوى الدليلين وأشبههما بالحق وإن خالف ما يجوز أن يجعل دليلا على الحكم وذكر أن الاستحسان هو القول بأقوى الدليلين فيما حكمنا2 بصحة كل واحد من الدليلين قال ومسائل الخلاف بين الفقهاء لا نحكم بصحة أدلة من خالفنا بل نعتقد فسادها فلهذا لم يطلق على جميع مسائل الخلاف اسم الاستحسان.
قلت وهذا الكلام منه يقتضى أن الاستحسان ترجيح أحد الدليلين على الآخر وهذا معنى قول القاضي ولفظ الاستحسان يؤيد هذا فانه اختيار الاحسن وإنما يكون في شيئين حسنين وإنما يوصف القول بالحسن إذا جاز العمل به لو لم يعارض ثم رأيت هذا الذي ذكره الحلواني قد ذكره بعينه القاضي فالاستحسان عنده أعم مما هو عند أبي الخطاب فتارة يقول هو أقوى القياسين وليس بعام فانه ذكر الاستحسان بالكتاب والسنة والاجماع كشهادة أهل