في حق مثله إذ الأمر تارة يتوجه إلى الأمة المدعوة وتارة [يتوجه] إلى الأمة المجيبة ثم الشمول هنا هل هو بطريق العادة العرفية أو الاعتبار العقلي فيه الخلاف المعروف وسره أن المخاطب قصد بنفس ذلك الخطاب الخاص في اللغة العموم أو لم يقصد به إلا الخاص لكن قصد العموم من غير هذا الخطاب وعلى هذا يبنى1 استدلال عامة الأمة على حكمنا بمثل قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} 2 فإن هذه الضمائر جميعها مع بنى إسرائيل.
فأما خطابه لهم على لسان موسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام فهي مسألة شرع من قبلنا والحكم هنا لا يثبت بطريق العموم الخطابي قطعا لكن يثبت بطريق الاعتبار العقلي عند الجمهور كما دل عليه قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} 3 وقوله: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} 4 وقوله: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} 5 ونحو ذلك وهذا ينتفع به ويحتاج في أكثر المواضع إلى أصل آخر يعم هذا وغيره وهو أن الحمد والذم إذا كان على جنس فعل قد علق به ثواب أو عقاب فإنه يحصل للمكلف من ذلك الجنس بقدر نصيبه منه فإن قام به البعض استوجب بعض الثواب إذا لم يكن فعل البعض شرطا في فعل البعض كصوم طرفي النهار مثلا والغالب في الذم عدم الارتباط وفي الحمد قد يقع الارتباط فإن استحقاق الذم على المعصية ليس مشروطا في الغالب بمعصية أخرى بخلاف فإن استحقاق الثواب على الطاعة فإذا ذموا على جنس فعل ذم قليله وكثيره ثم ذلك الجنس قد يشمله اللفظ وهو ظاهر كقوله: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} 6 {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} 7 وقد لا يشمله اللفظ