[شيخنا] فصل:
ذكر القاضي في كتاب الروايتين والوجهين اختلافا في المذهب في صحة العلة المستنبطة فقال إذا ثبت معنى الحكم مقطوعا عليه بنص كتاب أوسنة أو إجماع رد غيره إليه إذا كان معناه فيه وهذا لا اشكال فيه فأما إن كان معنى الأصل عرف بالاستنباط مثل علة الربا [في الزائدة] بكيل أو مطعوم فهل يجب رد غيره إليه أم لا فقال شيخنا أبو عبد الله لا يجب رد غيره إليه فعلى قوله يكون القول ببعض القياس دون بعض وقد أومأ أحمد إليه في رواية مهنا وقد سأله هل نقيس بالرأى فقال لا هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه قال معنى قوله لا يقيس بالرأى يعنى ما ثبت أصله بالرأى لا نقيس عليه.
قلت فكأن القاضي يقول إن اثبات علة الحكم في الأصل هو مثل اثبات نفس الحكم في الأصل بالرأى وهذا قريب وأحمد أراد أنه لا بد في القياس من أصل يرد الحكم عليه يرد بذلك مخالفة ما عليه أهل الرأى من الاستحسان الذي أنكره عليهم وهو وضع المسائل بالرأى والمناسبة المجردة ثم التفريع عليها ومثل هذا قوله إنما القياس أن يقيس على أصل أما أن تجىء إلى الأصل فتهدمه ثم تقول قياس فعلى أى شىء قست وتجد كثيرا من الكوفيين فرعوا1 على أصول موضوعة بعلل ومناسبات تشبه الاستحسان العقلي2 والمصالح المرسلة وقد يؤخذ من كلامه هذا انكار الاستحسان الحنفي3 والاستصلاح المالكي وكلامه هذا موافق لكلام الشافعي ويؤخذ من كلامه هذا أنه لا يقاس على أصل ثبت بالقياس كلما اختاره طائفة من الأصحاب وقوله لا يقاس بالرأى قد يؤخذ منه نفى الرأى في حكم الأصل ونفى الرأى في علة الحكم فإن استنباط العلة قياس بالرأى وقوله