جاز لمن بعدهم القول بالتفرقة وإن يقول في كل مسألة بقول طائفة منهم في قول أكثر العلماء وحكى ابن برهان لاصحابه في ذلك وجهين أحدهما كما قدمنا اختاره القاضي وحكى أبو الخطاب عن أحمد ما يدل عليه في التي قبلها والثاني أنه لا يجوز اختاره أبو الخطاب وزعم أنه ظاهر كلام أحمد في رواية الأثرم وأبي الحارث وأشار إلى عموم كلامه1 في التي قبلها وذكر أنه متى صرحوا بالتسوية لم تجز التفرقة ولم يذكر خلافا ولنا وجه ثالث بالتفرقة اختاره المقدسي وقال قوم منهم المقدسي والحلواني إن صرحوا بالتسوية بينهما لم تجز التفرقة وإلا جازت قال أبو الطيب وهو قول أكثرهم وقد ذكر أصحابنا في بسط كلامهم في التي قبلها ما يقتضي أن هذه من جملتها2 حيث ذكروا في حجة المخالف تفرقة مسروق بين زوج وأبوين وبين امرأ وأبوين3 وقد أجاب ابن برهان بما يوافق ما قلنا وأنه ليس النزاع في ذلك.
[والد شيخنا] وذكر القاضي أبو يعلى في الكفاية أنهم إن صرحوا بالتسوية لم يجز احداث قول ثالث بالتفرقة وإن لم يصرحوا فوجهان.
قال شيخنا4 أبو العباس والظاهر أن هذا فيما إذا كان بين المسألتين نوع من الشبه مثل قولهم في زوج وأبوين وزوجة وأبوين وأما إذا لم يكن بينهما نوع من الشبه مثل أن يوجب أحدهم النية في الوضوء ولا يجيز بيع الأعيان الغائبة من غير صفة [ولا يوجب الآخر النية في الوضوء ويجوز بيع الأعيان الغائبة من غير صفة] 5 فينبغي أن يكون القول يجواز التفرقة اجماعا هاهنا فيوجب الثالث