تاركه لكونه عندهم من الحجج العلمية كما تكلموا في كفر جاحد الإجماع لكن الإجماع لما اعتقدوا أنه لا يكون خطأ فى نفس الأمر كان تكفير مخالفه أقوى من تكفير مخالف الخبر الصحيح فهم يقولون امكان كذبه أو خطئه ليس مثل امكان خطأ أهل الإجماع ولهذا كان الصواب أن من رد الخبر الصحيح كما كانت ترده الصحابة اعتقادا لغلط الناقل أو كذبه لاعتقاد الراد أن الدليل قد دل على أن الرسول لا يقول هذا فإن هذا لا يكفر ولا يفسق وإن لم يكن اعتقاده مطابقا فقد رد غير واحد من الصحابة غير واحد من الأخبار التي هى صحيحة عند أهل الحديث.
ومما يحقق أن خبر الواحد الواجب قبوله يوجب العلم قيام الحجة القوية على جواز نسخ المقطوع به كما في رجوع أهل قباء عن القبلة التي كانوا يعلمونها ضرورة من دين الرسول بخبر واحد1 وكذلك في اراقة الخمر وغير كذلك وإذا قيل الخبر هناك أفادهم العلم بقرائن اختفت به قيل فقد سلمتم المسألة فإن النزاع ليس في مجرد خبر الواحد بل في أنه [قد] 2 يفيد العلم والباجي مع تغليظه على من أعدى حصول العلم به جوز النسخ به في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي في مقدمة المجرد خبر الواحد يوجب العلم إذا صح سنده ولم تختلف الرواية به وتلقته الأمة بالقبول وأصحابنا يطلقون القول فيه وأنه يوجب العلم وإن لم تتلقه3 بالقبول والمذهب على ما حكيت لا غير.
وقال القاضي في ضمن مسألة انعقاد الإجماع على القياس إنما لم يفسق مخالفه إذا لم يتأيد بالاجماع عليه فأما إذا تأيد بالاجماع عليه قوى بالمصير إليه فيفسق جاحده