فإذا وصل إليه فهل يثبت في حق من لم يبلغه قال أصحابنا: لا يثبت وهو ظاهر كلامه ومذهب الحنفية وللشافعية وجهان وحكى ابن برهان أن مذهب أصحابه يثبت حكمه ونصره واختاره أبو الطيب مع حكايته الوجهين وقال أبو الخطاب يتوجه على المذهب أن يكون نسخا بناء على عزل الوكيل قبل العلم والقاضي وابن عقيل وغيرهما جعلوا هذا وجها واحدا وفرقوا بينه وبين الوكيل بفروق جيدة وقال ابن الباقلاني وصاحبه ابن حاتم وهذا لفظه عندنا يجوز أن يقال قد نسخ عنه الأمر وإذا بلغه لزمه المصير إلى موجب الناسخ لا بالأمر المتقدم بل باعتقاد له آخر ولو كان كل شيء آخر فبلغه أنه أمر ثم نسخ عنه وجب أن يصير إلى موجب الناسخ وقال جمهور الفقهاء والمتكلمين مثل هذا لا يكون نسخا وأما إذا لم يبلغه الناسخ فلا يلزمه حكم الناسخ كما [لو] لم يبلغه حكم المنسوخ.
[شيخنا] فصل:
كلام القاضي يقتضى أن هذا لا يختص بمسألة النسخ بل يشمل الحكم المبتدأ فإنه قال: إذا كان الناسخ مع جبريل ولم يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ليس بنسخ وإن وصل إلى النبي فهل يكون نسخا ظاهر كلام أصحابنا أنه ليس بنسخ إلا عمن بلغه ذلك وعلم لأنه أخذ بقصة أهل قباء واحتج بها على إثبات خبر الواحد في رواية أبي الحارث والفضل بن زيادة ثم قال في الدليل: ولان الخطاب لا يتوجه إلى من لا علم له به كما لا يخاطب النائم والمجنون لعدم علمهما