المغنى: وتحقيق الأمر في نسخ القياس أنه إن استقر حكم ثم جاء بعده نص يعارضه كان نسخا للقياس فقط [1سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة وإن لم يستقر حكمها كان مجيء النص دليلا على فساد القياس] 1 وهكذا القول في نسخ العموم والمفهوم وكل دليل ظني بقطعي أو بظني أرجح منه فإنه عند التعارض إما أن يرفع الحكم أو دلالة الدليل عليه فالأول هو النسخ الخاص والثاني من باب فوات الشرط أو وجود المانع ونسخ القياس المنصوص على علته يبنى على تخصيص العلة إن جوزنا تخصيصها فهي كنسخ اللفظ العام فيكون نسخ الفرع تخصيصا وإن لم نجوز تخصيصها فهو نسخ والذي ذكره أصحابنا والشافعية والمالكية عن الحنفية أنهم احتجوا بحديث الوضوء بالنبيذ فقيل لهم ذلك كان نيئا2 وعندكم لا يجوز الوضوء بالنىء فقالوا إذا ثبت الوضوء بالنىء في ذلك الوقت ثبت الوضوء بالمطبوخ لأن أحدا لا يفرق بينهما في ذلك الوقت ثم نسخ النىء وبقى المطبوخ فقال أصحابنا وموافقوهم3 إذا كان ثبوته بثبوته كان زواله بزواله.
قال شيخنا قلت: الذي ذكره الحنفية جيد لو فرض أنه لم يحرم من الأنبذة إلا النىء وذلك لأنه على هذا التقرير جاز التوضؤ بهما إذ ذاك ثم صار الأصل حراما دون الفرع فالمعنى الناسخ اختص به الأصل دون الفرع وكذلك قولهم في مسألة التبييت في صوم عاشورا فإنه إذا ثبت أن صوما واجبا يجزيء بغير تبييت كان حكم سائر الصوم الواجب كذلك ثم نسخ الحكم في الأصل [4وإنما هو لزوال وجوبه والتحقيق أن هذا ليس من باب نسخ الحكم في الأصل] 4 وإنما هو من باب نسخ الأصل نفسه فإن الشارع تارة ينسخ الحكم مع بقاء الأصل