وهو قول الجماعة خلافا لبعض الشافعية واختلف فيه أهل الظاهر فقال أبو بكر ابن داود وطائفة منهم لا يجوز نسخ الأخف بالأثقل وحكاه ابن عقيل وجها للشافعية وقالت طائفة كقولنا وقال قوم يجوز ذلك شرعا لا عقلا وعكسه قوم فقالوا يجوز عقلا لكن منع السمع منه وحكى ابن برهان عن المعتزلة القول بالمنع من ذلك مطلقا.
[شيخنا] فصل:
لما قال المخالف: "القرآن كله متساو في الخير فقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ1 مِنْهَا} يدل على أنه لا ينسخ بالأثقل" فقال ومعلوم أنه لم يرد بقوله: {بِخَيْرٍ مِنْهَا} فضيلة الناسخ على المنسوخ لأن القرآن كله متساو في الفضيلة فعلم أنه أراد الأخف فلم يمنع القاضي ذلك بل قال: الخير ما كان أنفع إما بزيادة الثواب مع المشقة وإما بكثرة انتفاع المغير به فإنه سبب لزيادة الثواب فالأنفع هو ما كان أكثر ثوابا وكثرة الثواب بأحد السببين ثم في مسألة نسخ القرآن بالسنة لما قال المخالف: التلاوة لا يكون بعضها خيرا من بعض وإنما يكون ذلك في النفع قال القاضي: ولا يصح هذا القول لأنه قد يكون بعضها خيرا من بعض على معنى أنها أكثر ثوابا مثل سورة طه ويس وما أشبه ذلك وقد يكون في بعضها من الإعجاز في اللفظ والنظم أكثر مما في البعض وكانت العرب تعجب من بعض القرآن ولا تعجب من بعض.
قال شيخنا2 قلت: بقى القول الثالث وهو الحق التفاضل الحقيقي كما نطقت به النصوص [الصحيحة الصريحة] .