هذا مأخذ رديء فإنه لا يقر على ذلك والكلام في فعل لم يظهر عليه عتاب فمتى ثبت أن الفعل يدل على حكم كذا وثبت أنا مساوون له في الحكم ثبت الحكم في حقنا.

الأصل الثالث أن الفعل هل يقتضى حكما في حقنا من الوجوب مثلا وإن لم يكن واجبا عليه كما يجب على المأموم متابعة الإمام فيما لا يجب على الإمام وعلى الجيش متابعة الإمام فيما لا يجب على الإمام وعلى الحجيج موافقة الإمام في المقام بالمعرف إلى إفاضة الإمام هذا ممكن أيضا بل من الممكن أن يكون سبب الوجوب في حقه معدوما في حقنا ويجب علينا لأجل المتابعة ونحوها كما يجب علينا الرمل والاضطباع مع عدم السبب الموجب له في حق الأولين أو سبب الاستحباب منتفيا في حقنا وقد نبه القرآن على هذا بقوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} 1 فصار واجبا عليهم لموافقته ولو لم يكن قد تعين الغزو2 في ذلك الوقت إلى ذلك الوجه وهذا الذي ذكرناه في المتابعة قد يقال في كل فعل صدر منه اتفاقا لا قصدا كما كان ابن عمر يفعل في المشي في طريق مكة وكما في تفصيل إخراج التمر وهذا في الاقتداء نظير الامتثال في الأمر فالفائدة قد تكون في نفس تهدينا بهديه وبأمره وفي نفس الفعل المفعول المأمور به والمقتدى به فيه فهذا أحرى في الاقتداء ينبغي أن يتفطن له فإنه لطيف وطريقة أحمد تقتضيه وهذا في الطرف الآخر من المنافاة لقول من قال: إن المأمور به قد يرتفع لارتفاع علته من غير نسخ فإن أحمد تسرى لأجل المتابعة واختفي ثلاثا لأجل المتابعة وقال ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أعطى الحجام دينارا وكان يتحرى الموافقة لجميع الأفعال النبوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015