الإذن ما يشمل القسمين وهو ما إذا قال "لا تدخل بستان فلان ولا تحضر دعوته ولا تغسل ثيابك" ثم قال له بعد ذلك: ادخل واحضر واغسل ثيابك قال: وكذلك قول الرجل لضيفه كل ولمن دخل داره ادخل فقيل له غير هذا إلا ترى أنه يقول لعبده لا تقتل زيدا فيكون حظرا فإذا قال: اقتله بعد هذا كان حظرا على الوجوب1 قال: لأن الأصل حظر قتل زيد فقوله لا تقتل زيدا توكيد للحظر المتقدم لا لأنه مستفاد به حظر وفي مسألتنا وقع النهي ثم رفع النهي فيجب أن يعود إلى ما كان إليه2.
قلت وهذا تصريح بأن الخلاف إنما هو في حظر أفاده النهي لا في حظر غيره وأن ذلك النهي ... 3 فصار قولان.
ثم حظر النهي منه ما يكون مغي كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} 4 ومنه ما يكون في معنى المغي كالنهي عن الصيد والانتشار5 ومنه ما يكون نسخا كالحديث ونازع القاضي في قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 6 فقال لا نسلم أن وجوب قتل المشركين استفيد بهذه الآية بل بقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} 7 ونحوها مما لم يتقدمه حظر.
قلت وهذا ضعيف بل الأمر بعد الحظر يرفع الحظر ويكون كما قبل الحظر والأمر في هذه الآية كذلك وقد قرر القاضي أن الأمر بعد الحظر بمنزلة الغاية فيفيد