والنسيان فإن الخطأ والنسيان وجدا حقيقة بخلاف النكاح فإنه لم يوجد وإنما وجد نكاح فاسد وذلك لا يدخل في الاسم المطلق وهكذا: "لا صلاة إلا بأم الكتاب" و "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" ونحو ذلك.

الثاني استشهاده بأن أحمد احتج بقوله: "تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها" قد يقال ليس من هذا الباب فإن الرفع غير التجاوز فإن الخطأ نفسه لم يرتفع وقد يقال تجاوز عن نفس الخطأ وهو مثل قوله: {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} 1 وذلك أن الرفع يقتضى العدم والتجاوز لا يقتضى العدم بل لا يكون التجاوز إلا عن موجود.

ثم ذكر القاضي مسألة أخرى فقال لفظ التحريم إذا تعلق بما لا يصلح تحريمه فإنه يكون عموما في الأفعال في العين المحرمة إلا ما خصه الدليل نحو قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} 2 و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} 3 قال: وحكى عن البصري الملقب بجعل4 أن هذا اللفظ يكون مجازا ولا يدل على تحريم العين نفسها لأن العين فعل الله لا يتوجه التحريم إليها وإنما أراد تحريم أفعالنا فيها فصار اللفظ محمولا على ذلك بنفسه لا بدليل وكل ما حمل اللفظ عليه بنفسه كان حقيقة لا مجازا كقوله: "لا صلاة إلا بطهور" حقيقة هذا رفع الفعل فلما استحال رفعه بعد وقوعه كان معناه حقيقة في رفع حكمه وكذلك ها هنا لأن من أراد أن يحرم على عبده أو ولده شيئا فإنه يقول حرمت عليك كذا فيفهم منه تحريم تصرفه فيه بنفس اللفظ فثبت أن اللفظ نفسه دل على ذلك فكان حقيقة [وقال1 أكثر الحنفية وبعض الشافعية لا يثبت العموم في ذلك بل هو مجمل واختاره القاضي في أوائل العدة وآخر العمدة وزعم أن أحمد قد أومأ إليه وذكر عنه كلاما ما يدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015