وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ، فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، ثُمَّ تَتَابَعَ الْقَوْمُ، فَلَمَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ، بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الْجُبَاجِبِ - وَالْجُبَاجِبُ: الْمَنَازِلُ - هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاءُ مَعَهُ، قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ (قَالَ عَلِيٌّ، يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ: مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللهِ مُحَمَّدٌ) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَذَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَذْيَبَ، اسْمَعْ، أَيْ عَدُوَّ اللهِ، أَمَا وَاللهِ لأَفْرُغَنَّ لَكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ارْفَعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًي غَدًا بِأَسْيَافِنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ، قَالَ: فَرَجَعْنَا، فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَاؤُونَا فِي مَنَازِلِنَا، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى
صَاحِبِنَا هَذَا، تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَاللهِ، إِنَّهُ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ، قَالَ: فَانْبَعَثَ مِنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا، يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللهِ، مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْنَاهُ، وَقَدْ صَدَقُوا، لَمْ يَعْلَمُوا