خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟ قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ، فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟! إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلاً، أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدِْرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدِْرُهُ عَلَيْهِمْ. م (4591)
- وفي رواية: غَزَوْنَا غَزْوَةً إِلَى طَرَفِ الشَّامِ، فَأُمِّرَ عَلَيْنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: فَانْضَمَّ إِلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرَ، فَأَوَى إِلَى رَحْلِنَا، لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ إِلاَّ سَيْفٌ، لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ غَيْرَهُ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَلْ حَتَّى أَخَذَ مِنْ جِلْدِهِ كَهَيْئَةِ الْمِجَنِّ، حَتَّى بَسَطَهُ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ وَقَدَ عَلَيْهِ حَتَّى جَفَّ، فَجَعَلَ لَهُ مُمْسِكًا كَهَيْئَةِ التُّرْسِ، فَقُضِيَ أَنْ لَقِينَا عَدُوَّنَا، فِيهِمْ أَخْلاَطٌ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ مِنْ قُضَاعَةَ، فَقَاتَلُونَا قِتَالاً شَدِيدًا، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ، عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ، وَسَرْجٍ مُذَهَّبٍ، وَمِنْطَقَةٍ مُلَطَّخَةٍ ذَهَبًا، وَسَيْفٌ مِثْلُ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الْقَوْمِ وَيُغْرِي بِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ يَحْتَالُ لِذَلِكَ الرُّومِيِّ، حَتَّى مَرَّ بِهِ فَاسْتَقْفَاهُ، فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ بِالسَّيْفِ، فَوَقَعَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ ضَرْبًا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ الْفَتْحَ، أَقْبَلَ يَسْأَلُ لِلسَّلَبِ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّاسُ بِأَنَّهُ قَاتِلُهُ، فَأَعْطَاهُ خَالِدٌ بَعْضَ سَلَبِهِ، وَأَمْسَكَ سَائِرَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَحْلِ عَوْفٍ ذَكَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَلْيُعْطِكَ مَا بَقِيَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَمَشَى عَوْفٌ حَتَّى أَتَى خَالِدًا، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ سَلَبَ قَتِيلِهِ؟ قَالَ خَالِدٌ
: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ، قَالَ عَوْفٌ: لَئِنْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَهُ عَوْفٌ، فَاسْتَعْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا خَالِدًا وَعَوْفٌ قَاعِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يَمْنَعُكَ يَا خَالِدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى هَذَا سَلَبَ قَتِيلِهِ؟ قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ عَوْفٌ بِرِدَائِهِ، فَقَالَ: أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي أُمَرَائِي؟! إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى إِبِلاً وَغَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَةَ الْمَاءِ، وَتَرَكَتْ كَدِْرَهُ، فَصَفْوَةُ أَمْرِهِمْ لَكُمْ، وَكَدِْرُهُ عَلَيْهِمْ (24487)
- وفي رواية: خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا، فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقِ، وَمَضَيْنَا، فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ، عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ، وَسِلاَحٌ مُذَهَّبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ، فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ فَخَرَّ، وَعَلاَهُ فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلاَحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ، بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ مِنْهُ السَّلَبِ، قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ إِلَيْهِ، أَوْ لأُعَرِّفَنَّكَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ، وَمَا فَعَلَهُ خَالِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا خَالِدُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَكْثَرْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا خَالِدُ، رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْتُ: دُونَكَ يَا خَالِدُ، أَلَمْ أَفِ لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَا
ذَاكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: يَا خَالِدُ، لاَ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي أُمَرَائِي؟! لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَِدَْرُهُ (24497)
- وفي رواية: أَنَّ مَدَدِيًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ رَافَقَهُمْ، وَأَنَّ رُومِيًّا كَانَ يَسْمُو عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُغْرِي عَلَيْهِمْ، فَتَلَطَّفَ الْمَدَدِيُّ، فَقَعَدَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِ عَرْقَبَ فَرَسَهُ، وَخَرَّ الرُّومِيُّ لِقَفَاهُ، وَعَلاَهُ الْمَدَدِيُّ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، وَأَقْبَلَ بِسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ، وَسَيْفِهِ وَمِنْطَقَتِهِ، وَسِلاَحِهِ، فَذَهَبَا بِالذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ خَالِدٌ مِنْهُ طَائِفَةً، وَنَفَّلَهُ بَقِيَّتَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا خَالِدُ، مَا هَذَا؟ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ السَّلَبَ كُلَّهُ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، فَقُلْتُ: أَمَا لَعَمْرُ اللهِ، لأُعَرِّفَنَّهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمَدَدِيِّ بَقِيَّةَ سَلَبِهِ، فَوَلَّى خَالِدٌ لِيَفْعَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ رَأَيْتَ يَا خَالِدُ؟ أَلَمْ أَفِ لَكَ بِمَا وَعَدْتُكَ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: يَا خَالِدُ، لاَ تُعْطِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ. حب
أخرجه أحمد 6/26 (24487) قال: حدَّثنا أبو المُغِيرَة، قال: حدَّثنا صَفْوَان، قال: حدَّثني عَبْد الرَّحْمان بن جُبَيْر بن نُفَيْر. وفي 6/27 (24497 و24498) قال: حدَّثنا الوَلِيد بن مُسْلم، قال: حدَّثني صَفْوَان بن عَمْرو، عن عَبْد الرَّحْمان بن جُبَيْر بن نُفَيْر (ح) قال الوَلِيد: سألتُ ثَوْرًا عن هذا الحديث؟ فحدَّثني عن خالد بن مَعْدَان. و"مسلم"5/149 (4591) قال: حدَّثني أبو الطَّاهِر، أحمد بن عَمْرو بن سَرْح، أَخْبَرنا عَبْد الله بن وَهْب، أخبرني مُعَاوِية بن صالح، عن عَبْد الرَّحْمان بن جُبَيْر. وفي (4592) قال: وحدَّثني زُهَيْر بن حَرْب، حدَّثنا الوَلِيد بن مُسْلم، حدَّثنا صَفْوَان بن عَمْرو، عن عَبْد الرَّحْمان بن جُبَيْر بن نُفَيْر. و"أبو داود"2719 قال: حدَّثنا أحمد بن مُحَمد بن حَنْبل، قال: حدَّثنا الوَلِيد بن مُسْلم، قال: حدَّثني صَفْوَان بن عَمْرو، عن عَبْد الرَّحْمان بن جُبَيْر بن نُفَيْر. وفي (2720) قال: حدَّثنا أحمد بن مُحَمد بن حَنْبل، قال: حدَّثنا الوَلِيد، قال: سألتُ ثَوْرًا عن هذا الحديث؟ فحدَّثني عن خالد بن مَعْدَان.