فِيهِمْ شَابٌّ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، سَاكِتٌ، فَإِذَا امْتَرَى الْقَوْمُ فِي شَيْءٍ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ، فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَوَقَعَ لَهُ فِي نَفْسِي حُبٌّ، فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا، ثُمَّ هَجَّرْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ، فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي، فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ جَلَسْتُ فَاحْتَبَيْتُ بِرِدَائِي، ثُمَّ جَلَسَ فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي، وَسَكَتُّ لاَ أُكَلِّمُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، قَالَ: فِيمَ تُحِبُّنِي؟ قَالَ: قُلْتُ: فِي اللهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخَذَ بِحُبْوَتِي، فَجَرَّنِي إِلَيْهِ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرْ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ. (.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، أَلاَ أُحَدِّثُكَ بِمَا حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي الْمُتَحَابِّينَ؟ قَالَ: فَأَنَا أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَرْفَعُهُ إِلَى الرَبِّ، عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ:
حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ. (.
أخرجه أحمد 5/236 (22414) قال: حدَّثنا وَكِيع، قال: حدَّثنا جَعْفَر بن بُرْقَان. وفي 5/237 (22415) قال: حدَّثنا إبراهيم بن أَبي العَبَّاس، قال: حدَّثنا أبو المَلِيح. وفي 5/239 (22431) قال: حدَّثنا كَثِير بن هِشَام، قال: حدَّثنا جَعْفَر، يَعْنِي ابن بُرْقَان.